الأخبار
الرئيسية / الرئيسية / تعقيب السيد النائب البرلماني، رشيد حموني، حول موضوع: “السياسة العامة في مجال تشجيع الاستثمار”

تعقيب السيد النائب البرلماني، رشيد حموني، حول موضوع: “السياسة العامة في مجال تشجيع الاستثمار”

تعقيب
السيد النائب رشيد حموني
رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب
في الجلسة العمومية للأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة لرئيس الحكومة حول السياسة العامة
حول موضوع:
“السياسة العامة في مجال تشجيع الاستثمار”

يوم الاثنين 30 يناير 2023

السيد الرئيس؛
السيد رئيس الحكومة؛
السيدات والسادة الوزراء؛
السيدات والسادة النواب؛
في البداية، لا يَسَعُــــنا إلاَّ أن نُعــــرِبَ عن الاعتزاز بالتصنيف الذي وَضَع بلادَنا في المرتبة الثالثة، حاليا، من حيثُ جذبُ الاستثمار الأجنبية المباشر. وهو مؤشرٌ قويٌّ على أنَّ المغرب يتميزُ بالمقومات التي تجعلُ منه بلداً قادراً على احتلال مواقع ريادية.
وبالفعل، على مدى السنوات والعقود الأخيرة، سَجَّل اقتصادُنا الوطني تَـــطوراً، في عددٍ من القطاعات، بما جَـــعَـــلَـــهُ يَصمُـــدُ في فتراتٍ صعبة، أبرزُها فترةُ الجائحة. وهذا ما أكدتم عليه، السيد رئيس الحكومة، مُؤخراً، في مُنتدى دافوس، والذي نُــــهنئكم على المشاركةِ واللقاءاتِ التي أجريتموها خلاله، على أَمَلِ أن يُسفِــــرَ ذلك على جذب مزيدٍ من الاستثمارات المنتجة إلى بلادنا، ولا سيما في المجالات الواعدة، ومنها قطاع الهيدروجين الأخضر.
لكن، من باب الطموح نحو الأفضل، ينبغي أن نجعل من هذا الحوار المؤسساتي والدستوري، بين الحكومة والبرلمان، لحظةً للصراحةِ والوقوفِ على أوجه النَّـــقص.
فالجميعُ يعترف اليوم، بالصعوبات التي تشهدها مؤشراتُ المالية العمومية، من مديونية، وعجزٍ في الميزانية، وتَضَخُّمٍ متصاعد، وضُعف نِسب النمو. وذلك بالإضافة إلى إفلاس ما يزيد عن 12 ألف مقاولة في 2022.
والأسبابُ الموضوعية هنا واضحة، ولا داعي للإمعان في سَردها، بقدر ما يقتضي الأمر الانكبابَ على إيجاد الحلول والبدائل. فلا أحد يَــــجْــــهَـــلُ أننا نشهدُ جفافاً تاريخيًّا وبنيوياًّ، أو أننا نعيش على إيقاع تقلباتٍ دولية حادة.
من جهة أخرى، فالمجهود الاستثماري ببلادنا لا يزالُ لحد الآن لم يُحقق العدالة الاجتماعية والمجالية المطلوبة. وهذا ما يؤكدُ مقاربَـــتَـــنَا، في التقدم والاشتراكية، والتي لا تُشاطرُ فكرةَ أنَّ آلياتِ السوق قادرةٌ لِــوَحدِهَا تلقائيًّا على أنْ تُـــحقِّـــقَ التوازنَ الاجتماعي. فمنطقُ النمو الاقتصادي ليس نقيضًا للعدالة الاجتماعية، والعمليتان مُـــتلازمتان. والعملُ بهماً معاً هو ما سَـــيُعطي مَــنَــاعَــةً أكبر لبلادنا في مواجهة الصدمات.
في هذا السياق، نتساءلُ حول تغييب مضامين النموذج التنموي، بأهدافه وآجالاته. وهو الذي كان مرجعاً أساساً للحكومة عند تنصيبـــها. لكن للأسف، لم يَـــعُـــد يُـــذْكَــــرُ من قِـــــبَـــــلِها اليوم.
السيد رئيس الحكومة؛
إنَّه لا معنى للاستثمار إذا كان يؤدي فقط إلى مَلْءِ الأرصدة المالية للمستثمرين دون أثَــــرٍ اجتماعي ومجالي. ولا مستقبلَ للاستثمار إذا كان يستنزفُ المواردَ الطبيعية بلا حسيبٍ ولا رقيب. ولا قيمةَ للاستثمار إذا لم يَستحضر الإنسانَ كمحورٍ في التنمية. ولا جدوى من الاستثمار إلاَّ إذا كان مُنتِجاً ويُعزِّزُ السيادة الاقتصادية الوطنية، ويُحقق الأمن الاستراتيجي والاكتفاء الذاتي، ويَـــخْــــلُــــقُ فُرصَ الشغل القار.
إنَّ ما يَــــهُــــمُّــــنَا، في فريق التقدم والاشتراكية، هو استشرافُ المستقبل واقتراح البدائل، لِـــمَا فيه خيرُ ومصلحةُ المغربِ والمغاربة، ولا سيما منهم الفئاتُ المستضعفة التي تَــــئِــــنُّ تحت وطأة الفقر والحرمان، وتُـــعاني من البطالة والتهميش.
فلذلك، نحن جميعاً مسؤولون عن اقتراح بدائل من شأنها أنْ تَـــــــرُدُّ الجميل وتفتح أبواب الأمل أمام كافة الشعب المغربي، المتشبع بالروح الوطنية، والذي لم يتردد أبداً وَلَوْ لحظةً واحدةً في الوقوفِ، كرجل واحد، كلما تَـــمَّت محاولةُ المساسِ بسيادة ومصالح بلادنا.
إن السياسة الاستثمارية ينبغي أن ترتكزَ على قطاعٍ عمومي كقاطرة للتنمية، إلى جانب قطاع خصوصي قوي ومسؤول اجتماعيا وبيئيا وجبائيا.
وهنا، لا بد من التأكيد على أنه من الجيد استهدافُ بلوغِ مساهمة الاستثمار الخصوصي بالثلثين مِنْ مجموع الاستثمارات ببلادنا. لكن على أساس الحفاظ على حجم ومكانة الاستثمار العمومي، وبالمقابل تحقيقُ قفزةٍ كُـــبرى بالنسبة للاستثمار الخصوصي.
السيد رئيس الحكومة؛
ونحن نناقش موضوع الاستثمار، لا بد لنا من استحضار التوجيهات المَلَكية السامية ذات الصِّـــلة، وذلك بمناسبة خطاب افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الحالية.
وهذه مناسبة، لنسائلكم عن مدى شُرُوعِـــكُـــم وتَــــقَــــدُّمِكُم في بلورة التعاقد الذي دعا إليه جلالةُ الملك، حفظه الله، بين الحكومة والقطاع الخاص والقطاع البنكي، والمتعلق بتعبئة 550 مليار درهماً من الاستثمارات، في أفق إحداث 500 ألف منصب شغل، في الفترة بين 2022 و2026.
وفي هذا الإطار، نتطلع أن يتم، بالسرعة والنجاعة اللازمتين، تفعيلُ صندوق محمد السادس للاستثمار، من أجل أن يلعب أدواره الأساسية المُنتَظَرَة.
إنَّنا، في فريق التقدم والاشتراكية، من موقع المعارضة البناءة والمسؤولة، بَرْهَنَّا دوماً على أننا حريصون، مع كافة مكونات المؤسسة التشريعية، أغلبيةً ومعارضة، على أن تَـــخرُجَ كافةُ التشريعات ذات الصلة بالاستثمار، وذلك بروحٍ إيجابية عالية.
وعليه، فإنَّ الحكومةَ مُطاَلَبةٌ، اليوم، بالمرور إلى مرحلة الفِعل الميداني، من خلال اتخاذ القرارات الملموسة، لتفعيل كل التشريعات ذات العلاقة بالاستثمار، والتي صادق عليها البرلمان.
فليس معقولاً أن نَظل كُلَّ هذا الوقت في انتظار إعادةِ هيكلةِ المؤسساتِ والمقاولات العمومية، والتي يَــــمْتَصُّ أغْــــلَــــبُـــها ميزانيةَ الدولة، والعديدُ منها غارقةٌ في المديونية وضعف الحكامة.
كما أنه لم يَــــعُــــد مقبولاً هذا التأخُّــــرُ غيـــــرُ الــــمُــــبَـــرَّر في الأجرأة الشاملة للإصلاح الجبائي.
والحكومة مُدعوةٌ، أيضاً، إلى إيجاد الحلول التحفيزية، لأجل التشجيع على اندماج القطاع غير المهيكل في النشاط الاقتصادي المــــــنَــــظَّـــــــم.
وليس مقبولاً أننا نتحدثُ عن آليات تحفيز الاستثمار، في حين لا زلنا نُـــسجِّـــلُ نقائصَ كبيرةً في نجاعةِ المراكز الجهوية للاستثمار، والتي تَــــحَـــوَّلَ بعضُها إلى عائقٍ عِوَضَ أن يكون عُــــنصُــرَ تَـــــيسيرٍ للاستثمار.
السيد رئيس الحكومة؛
إنَّ تحسين مناخ الأعمال لا يُــــخــــتَــــزَلُ فقط في تبسيط المساطر الإدارية والرقمنة، على أهمية ذلك، بل على الحكومةِ ضمانُ مُقوماتِ دولةِ الحقِّ والقانون في المجال الاقتصادي، من خلال تحسينٍ فعلي للحكامة، والحرص على التقائيةِ السياسات العمومية، وتوفيرِ شروط التنافس والشفافية، ومُحاربةِ كل أشكالِ الريع والاحتكارات غير المشروعة، والدفع في اتجاه تفعيل المؤسسات المتقدمة للحكامة.
كما تتطلبُ منكم بلورةَ استراتيجيةٍ لتطوير الشراكة بين القطاع العام والخاص.
وبالموازاة مع ذلك، عليكم تفعيلُ دبلوماسيتنا الاقتصادية، والمراجعةُ العميقة لنمط التصنيع الجاري به العمل حاليا. فالصناعة هي تحويلُ المواد والارتقاءُ في سلسلة القيمة، وليس مُجَرَّد تَـــجميعٍ أو إنتاجِ مكوناتٍ معينة، ذات قيمة تكنولوجية محدودة.
كما ينبغي السيد رئيس الحكومة تقييمُ ومراجعةُ اتفاقياتِ التبادل الحر، (مع أوروبا وخصوصا فرنسا)، بِمَا يستدعيه الوضعُ من تدبيرٍ جديدٍ للشراكات، يُــــــتيحُ إمكانياتٍ أفضلَ لِــــحِفْظِ المصالح التنموية الوطنية. وفي ذات الوقت، يَــنْــبَــغِي مُواصلةُ تقويةِ الشراكات الــــمُـــــــثــــــمرة مع بلدان إفريقيا.
في الأخير؛
إنَّ موضوعَ الاستثمار، الخصوصي والعمومي، الوطني والخارجي، يكتسي صِــــبغَــــةً مصيريةً بالنسبة لبلادنا. ونتمنى لكم، السيد رئيس الحكومة، النجاحَ في هذا التَّــــحَــــدِّي.
كما عليكم الاهتمام بالجوانبِ الديموقراطية، بِــــنَــــفْــــسِ القدر، طَــالَـَـــما أنَّ الاستقرار والثقة ومَــــتَـــانَـــة البناء المؤسساتي، إلى جانب العنصر البشري، هي أعظمُ رَأْسَمالٍ بالنسبة لوطننا.
وشكراً.

عن Zwawi

شاهد أيضاً

صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله،يترأس ا بالقصر الملكي بالدار البيضاء، جلسة عمل خُصصت لموضوع مُراجعة مدونة الأسرة

بلاغ من الديوان الملكي الدار البيضاء 23 دجنبر 2024 في ما يلي بلاغ من الديوان …

اترك تعليقاً