الأخبار
الرئيسية / الرأي والرأي الآخر / المدينة الفاضلة بين سقراط والبنا

المدينة الفاضلة بين سقراط والبنا

….ممدوح بيطار

لو سألنا مئة من الاخونج عن تعريف العلمانية, لكانت معظم أجوبتهم تدور حول الاباحية والالحاد ومحاربة الدين الخ , لربما أجاب 1% منهم بالشكل التقريبي التالي :“العلمانية تعني اصطلاحا فصل المؤسسات الدينية عن السياسة, وتعمل على عدم قيام الحكومة أو الدولة بإجبار أي انسان على اعتناق أو تبني معتقد أو دين أو تقليد معين لأسباب ذاتية غير موضوعية, كما تكفل الحق في عدم اعتناق دين معين وعدم تبني دين رسمي للدولة ,يشير هذا المصطلح بان الأنشطة البشرية والقرارات خصوصا السياسية يجب أن لا تكون خاضعة لتأثير المؤسسات الدينية “. االتحدث بشكل تفصيلي عن تاريخ العلمانية ونشوء الفكرة نتيجة للصراع مع الكليروس في أوروبا ليس ضروري , باختصار اعتبر الكليروس السماء والارض وحدة, كما هو في السماء كذلك على الأرض !!!!!, قوانين السماء هي قوانين الأرض وسلطة الأرض مصدرها السماء , وذلك بالرغم من تفريق الناصري السماء عن الأرض بشكل واضح , اذ قال مجازا ان مملكته ليست على الأرض , المهم هذه المنطقة وهذا العصر حصرا , هنا يهيمن تراث وقيم خليط من ماقبل الدعوة وما بعدها , ثم ان معظم البشر في هذه المنطقة مؤمنون محمديا بأشكال مختلفة , من المهم ايضا أن نتعرف على تأثيرات العلمانية على العالم العربي , يقول الاخوان وجماعاتهم ان التأثير كان بمنتهى السوء على المؤمنين في دينهم ودنياهم ..لماذا ؟ ؟ , لأن العلمانية ترفض الحكم بما أنزله الله, وتريد ، اقصاء الشريعة عن كافة المجالات الادارية والسياسية, ثم استبدال الوحي بالقوانين الوضعية ,هنا فهم المؤمنون ماتريده العلمانية فعلا ,لكنهم بالمقابل يخاتلون ويراوغون وادعوا حديثا رغبتهم في اقامة دولة مدنية , وعند السؤال عن خواص هذه الدولة المدنية لايجيبون تارة , وتارة أخرى ينسبون الدولة المدنية الى “دستور المدينة”, الا أنهم لايريدون دولة جان لوك المدنية ولا يريدون دولة روسو المدنية , انهم يريدون دولة الصحوة , أي نسخة سنية عن دولة االملالي الايرانية , مؤخرا تمت اضافة ذيل لهذه الدولة المدنية , اذ اصبحت دولة مدنية بمرجعية دينية،كيف يمكن ذلك ؟.معظمهم يرفض العلمانية , لأن العلمانية برأيهم تحرف التاريخ العربي وتصوره وكأنه همجي, وتعتبر الفتوحات احتلالات استعمارية , وهذا صحيح تماما ,فالعلمانية تدرس التاريخ موضوعيا ولا شيئ يرغم التفكير العلماني على تزوير التاريخ , العلمانية لاتقدس خاصة الأشخاص, ولا وجود في العلمانية لما هو غير قابل للنقد والنقاش والتطوير ,فعندما يكون الحجاج أو القعقاع مجرما قاطع طرق فستعتبره العلمانية مجرما من قطاع الطرق , وعن المجرم لايقال رضي الله عنه وأرضاه , العلمانية تعتبر ما يسمى انبياء بشر ,ومن الواجب انتقاد الخطأ سواء كان بشري او الهي او شيطاني . التهمة الفظيعة كانت تهمة افساد التعليم !, وكيف تفسد العلمانية التعليم ؟ تفسد التعليم عن طريق بث العقلانية في ثنايا المواد الدراسية, وعن طريق العمل على الغاء مادة التدريس الديني في المدارس , ثم عن طريق تقديم الدين وكأنه لايتعارض مع العلمانية , لعدم وجود علاقة بين الدين والعلمانية , ثم احتقار علامات مادة التربية الدينية وجعل هذه العلامات غير مؤثرة على تقييم الطالب, نعم هذا ماتريده العلمانية, وهذا مايريده الانسان التواق الى التقدم والتحرر من أغلال الغيب,ممتازة تلك العلمانية التي تريد تحقيق كل ذلك !! . يتجلى اجرام العلمانية بعملها على “إذابة الفوارق بين حملة الرسالة الصحيحة, وهم المؤمنون , وبين أهل التحريف والتبديل والإلحاد, وصهر الجميع في إطار واحد وجعلهم جميعا بمنزلة واحدة من حيث الظاهر وإن كان في الحقيقة يتم تفضيل أهل الكفر والإلحاد والفسوق والعصيان على أهل التوحيد والطاعة والإيمان, فأهل الكتاب او الذميين والمؤمنين وغيرهم في ظل هذا الفكر في منزلة واحدة يتساوون أمام القانون, لا فضل لأحد على الآخر إلا بمقدار الاستجابة لهذا الفكر العلماني…وهل يتساوى المؤمن مع الكافر ؟, وفي ظل هذا الفكر يصبح الزواج المختلط أمراً لا غبار عليه ولا حرج به ،وكذلك لا حرج علمانيا أن يكون الذمي أو غير ذلك من نحل الكفر حاكماً على للبلاد, نعم تريد العلمانية مساواة الجميع أمام القانون , وأين هو الخطأ في ذلك ؟ , العلمانية ترفض التكفير ,العلمانية تريد الزواج مدنيا كما هو الحال في جميع انحاء الدنيا , وأين الخطأ في ذلك ؟؟. اتهام العلمانية بنشر الاباحية والفوضى ليس بالجديد , فالسيدة التي ترتدي لباسا عاديا بدون حجاب أو نقاب تعتبر “عارية كالعنزة ,العلمانية ترفض القيود والفروض على اللباس , فاللباس أمر شخصي لاعلاقة للغير به , ثم ان فرض الحجاب من قبل جهات دينية هو أمر ترفضه العلمانية, ومن يريد من الاخونج رجم الزانية ستكون القوانين العلمانية الوضعية في انتظاره لينال من أجل ذلك أقسى العقوبات , وسائل الاعلام خاصة التواصل الاجتماعي مزعجة جدا للاخوان , فهذا التواصل ينشر الكفر ليلا نهارا ويسمح بالتعرض للرموز ,لذلك يجب منعه وجعله منسجما مع الشريعة، التي لاتحب الموسيقا ولا تحب النحت الحجري ولا الصور ولا الرسوم, وتمقت الفن التشكيلي والمسرح والسينما , بشكل مختصر يجب أن يكون حال الشعوب كحال شعب قندهار , ففي قندهار تدخل الملائكة كل بيت لعدم وجود الصور وتحف التماثيل وخاصة الكلاب في بيوت قندهار العامرة , العلمانية لاتريد قندهار وتريد تشجيع الفن كالمسرح والسينما والرسم والنحت والموسيقا , ولاتهتم العلمانية برفض الملائكة الدخول الى بيت تعلق على أحد جدرانه صورة ,لاتهتم العلمانية بالملائكة ,ولتذهب الملائكة الى الجحيم !!أ أحد المثالب العلمانية كان تضييق الخناق على الدعوة, عن طريق محاربة الكتاب الديني , والسماح بطبع الكتب الضالة المنحرفة التي تشكك في العقيدة , ثم افساح المجال للعلمانيين المنحرفين لنشر كتبهم المتزندقة , العلمانية تحترم الفكر ايا كان مصدره وموضوعه , انظروا الى أوروبا والى حرية الفكر بها ,هكذا تريد العلمانية ممارسة احترام الفكر , ومن يحترم الفكر كما تحترمه أوروبا قادر على انقاذ البلاد من البلاء ذو المصدر التجهيلي الاخونجي . اتهام آخر ..العلمانية تتنكر لفريضة الجهاد في سبيل الله !!! , نعم العلمانية لاتعترف بمفهوم الجهاد في سبيل الله ,انما فقط في العمل من أجل البلاد والانسان والانسانية , والعلمانية تدعو الى الوطنية والى انتماء الانسان المواطن الى وطنه, ولا تعترف بوطن الدين وتتنكر لتمييز المواطنين حسب انتمائهم المذهبي ,كما أن العلمانية تدعو الى المواطنية ,التي يعتبرها الاخونج جامع وهمي , فالجامع الحقيقي هو الدين , في حين تعتبر العلمانية الغيبية والطائفية من أكبر عوامل التفرقة والشقاق, نعم العلمانية لاتنتظر من الطوائف والطائفية أن تجمع , لأن الطائفية لاتجمع انما تفرق. الاخونج يعتبر التشريع والحاكمية من اختصاص الله, ولا يحق لأي انسان أن يحكم الا باذنه , هذا ماترفضه العلمانية بشكل قطعي , التشريع والحاكمية هي بيد الانسان ومن أجل الانسان , حاكمية الله هي حصرا في مملكته السماوية, وليس كما هو في السماء كذلك على الارض ! الانسان هو من يضع قوانين شاملة لجميع شؤون الانسان الفردية والاجتماعية , أما في الرؤية التوحيدية فلايحق للسلطات الأربعة أن تتصدى لأي قانون سماوي , العلمانية لاتعترف بمصدر للقوانين باستثناء الانسان ,الانسان هو الذي يصيغ القوانين التي تناسبه وتقود الى تقدمه والى تحقيق العدالة الاجتماعية .من يلقي نظرة عابرة على قندهار يجد بأن هذه المدينة تمثل حسب تقييم الاخونج مدينة سقراط الفاضلة ,أو بالأصح العلاج االشافي لما تعاني منه الشعوب المتأخرة , الأمر مختلف بالنسبة للمشايخ , فالشيخ الحويني يفضل مشافي برلين و عندما يصاب بوعكة صحية , أما الرجل المعجزة والمؤلف لموسوعات الاعجاز العلمي السيد الدكتور زغلول النجار فيفضل المشفى الأمريكي على مراكز العلاج ببول االبعير,فبول البعير مخصص للبعير وليس لزغلول النجار , قدس الله سره وأطال من عمره

عن Zwawi

شاهد أيضاً

باكادير..تنظيم المناظرة الوطنية للصحة في دورتها التاسعة

المناظرة الوطنية للصحة في دورتها التاسعة بأكاديرالجمعية الوطنية للمصحات الخاصة في قلب النقاشات الصحية الراهنةالحكامة، …

اترك تعليقاً