ذ. عَبْدُ اللَّهِ مشنونفي
استحضار يوم فاتح ماي من كل سنة؛ عبد الشغيلة من أفراد الجالية لمغاربة العالم؛ وفي إطار تقييم عام للوضعية الاجتماعية والاقتصادية بالمغرب؛ في ظل غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار؛ ننطلق من قول جلالة الملك؛ محمد السادس حفظه الله: “مغرب بسرعتين؛ أغنياء يستفيدون من ثمار النمو ويزدادون غنىً. وفقراء خارج مسار التنمية ويزدادون فقرًا وتهميشًا.” (مقتطف من خطاب جلالة الملك.)فقد أصبح معيار تقييم أداء بعض الاشخاص والمسؤولين؛ يتم بناءً على مستوى التفنن في تغيير مصابيح الإنارة العمومية بالمدن؛ والمبالغة والإسراف في إغداق المصاريف على الفضاءات الخضراء وصباغة أرصفة الشوارع وتبليط وتعبيد الأزقة بالرخام والنافورات المائية والمدارات والأحزمة والجدران؛ الذي ليس مؤشرًا حقيقيًا على ازدهار وسعادة عيش ساكنة مدينة ما!فحفر بئر بالبادية لتزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب؛ أو شق مسلك طرقي لفك العزلة عن ساكنة العالم القروي؛ أو مشروع صغير مدر للدخل لضمان وسائل العيش المستدام للفقراء والمحتاجين؛ له قيمة أفضل بكثير من سقي المساحات الخضراء بالمدن والتفنن في تعبيد شوارعها.صحيح؛ نحن بحاجة إلى مداخل مدن جميلة وشوارع وفضاءات خضراء نقية معتنى بها؛ (لكن) -الحرف الناسفة للكلام دائمًا وأبدًا- نحتاج أيضًا إلى نوع من المساواة والعدالة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والرياضية والمجالية؛ والتوازن في توزيع الثروة على المستوى الوطني والجهوي والإقليمي والمحلي؛ حتى لا يحس المواطنات والمواطنين بالاستكبار والاستقواء الحضري؛ والاستصغار القروي.نستحضر كلام جلالة الملك محمد السادس نصره الله الذي يزن دائمًا كلامه؛ حيث يقول دائمًا: “فالمغرب له نساؤه ورجاله الصادقون. ولكن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر؛ لأن الأمر يتعلق بمصالح الوطن والمواطنين. وأنا أزن كلامي؛ وأعرف ما أقول.. لأنه نابع من تفكير عميق.إن مسؤولية وشرف خدمة المواطن؛ تمتد من الاستجابة لمطالبه البسيطة؛ إلى إنجاز المشاريع؛ صغيرة كانت؛ أو متوسطة؛ أو كبرى.وكما أقول دائمًا؛ ليس هناك فرق بين مشاريع صغيرة وأخرى كبيرة؛ وإنما هناك مشاريع تهدف لتلبية حاجيات المواطنين.فسواء كان المشروع في حي أو دوار أو مدينة أو جهة أو يهم البلاد كلها؛ فهو يتوخى نفس الهدف وهو خدمة المواطن. وبالنسبة لي؛ حفر بئر مثلًا؛ وبناء سد؛ لهما نفس الأهمية بالنسبة للسكان.”ويتساءل عجبًا -حفظه الله-: “وما معنى المسؤولية، إذا غاب عن صاحبها أبسط شروطها، وهو الانصات إلى انشغالات المواطنين!؟أنا لا أفهم كيف يستطيع أي مسؤول؛ لا يقوم بواجبه؛ أن يخرج من بيته؛ ويستقل سيارته؛ ويقف في الضوء الأحمر؛ وينظر إلى الناس؛ دون خجل ولا حياء؛ وهو يعلم بأنهم يعرفون بأنه ليس له ضمير .” (مقتطف من نص الخطاب الملكي السامي الذي وجهه صاحب الجلالة؛ بمناسبة الذكرى الثامنة عشرة لعيد العرش.)وأنت من واحد من أفراد مغاربة العالم؛ لمَّا تكون منحدرًا من منطقة ما تنتمي إليها؛ وهي تعرف نوعًا من التهميش الاقتصادي والاجتماعي؛ وغياب العدالة المجالية؛ والاجتماعية؛ حيث ينظر إلى الحقوق من زاويتين:1. حقوق معنوية؛2. وحقوق ظاهرة؛ومنها الإحساس بعدم التمثيلية في الدولة؛ والشعور بإنه ليس هناك مشروع سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي ؛ بحيث توجد التنمية في مناطق بشكل كثيف؛ في حين تحرم منها أخرى.فذاكرة الشعوب في الارياف والحضر لسان حالها يقول: التهميش // الاقتصاد؛ بحيث لا تجد حظها من الخدمات؛ في حين تنعم مناطق بفائض الخدمات..!والخلاصة: ان الإحساس بالتهميش وغياب العدالة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية يُولِّد نوعًا من الشعور بعدم الانتماء وينمي منسوب درجة الحقد والكراهية وضعف المناعة لدى الشعوب
*كاتب صحفي من ايطاليا