مالطا، فاتح نونبر 2023 – دعا السيد محمد بنعليلو، وسيط المملكة، في كلمة ألقاها بالعاصمة المالطية خلال المؤتمر الدولي المنظم في فاليتا يومي 31 أكتوبر وفاتح نونبر 2023، حول موضوع “الحق في الإدارة الجيدة: وهم أم طموح أم حقيقة /تحسين العلاقة بين المؤسسات المستقلة والإدارة”
حيث دعا لى إعادة قراءة العلاقة القائمة بين الطرفين في أبعادها المؤسساتية والحكاماتية والحقوقية، معتبرا أن قراءة نقدية لهذه العلاقة تتجاوز منطق إلقاء اللوم على الإدارة وعلى ضعف تجاوبها مع تدخلات الوسطاء، وتؤسس لنقاش جديد يجعل من “الحكامة الانسيابية” إحدى الركائز الأساسية البديلة لإيجاد أجوبة لمختلف تصورات الأزمة القائمة بينهما، تعتبر خطوة ضرورية لضمان فعلية تدخلات مؤسسات الأمبودسمان.وأكد وسيط المملكة على أن مستويات الالتزام السياسي المعلن؛ وتنفيذ التوصيات والاستجابة للتدخلات؛ والإشراك المؤسساتي في عمليات سن القوانين ووضع السياسات؛ والوعي المجتمعي العام بالأدوار الحقوقية لهذه المؤسسات، تعتبر كلها مؤشرات نوعية (مشتركة) لقياس هذه العلاقة ومدى تأثيرها على حياة الأفراد وحماية حقوقهم.وفي معرض حديثه أشار السيد بنعليلو، إلى أن “تحسين العلاقة بين الإدارة ومؤسسات الأمبودسمان”، يمكن أن يشكل تحديًّا حقيقيا لنجاح هذه الأخيرة في تأمين الحق في الحكامة الإدارية، ما دامت رسالة الوسطاء تتجاوز مجرد إصدار التوصيات والاقتراحات إلى ضمان فعلية هذه الاقتراحات والتوصيات، وما دام هذا الأمر متوقفا في كثير من الأحيان على وجود إدارة متفهمة ومتعاونة. واعتبر السيد محمد بنعليلو أنه من الذكاء التدبيري الاشتغال على إعادة النظر في محددات هذه العلاقة، بالاستناد إلى فكرتين أساسيتين، تقوم أولاهما على التعاون بين الاختصاصات من منظور “بين تخصصي”، وتستند ثانيهما إلى ضرورة تجاوز منطق “الرقابة التقليدية”، والتأسيس لـ”رقابة انعكاسية” أو “مصاحبة” أو “توجيهية” تساعد الإدارة على استثمار نقط قوتها وتلافي نقط ضعفها؛ وبالتالي، صياغة تدخلات تلائم بين متطلبات الإنصاف من جهة، وإكراهات بيئة الإدارة ومحيطها السوسيو إداري من جهة أخرى.وطالب وسيط المملكة في كلمته، بضرورة تنمية مبادرات التواصل المفتوح والمنتظم بين الجانبين، لإيجاد حلول بناءة ومستدامة، لما تتسبب فيه كثرة مناطق الظل في فهم مجالات الاختصاص وحدودها، وبالتالي، تجاوز الارتباك الذي قد يطال فهم أدوار مؤسسات الأمبودسمان، خاصة في فترات الانتقال الحكومي والتغيير في مراكز القيادة الاستراتيجية.ومن جانب آخر، اعتبر السيد الوسيط أن موضوع “الثقة” التي يجب تقويتها من خلال جودة التدخلات والقرارات المتخذة، ومن خلال التواصل الفعال والمنتظم بشأنها، إلى جانب موضوع “حوكمة الأداء الداخلي ومعياريته”، من شأنه أن يشجع الإدارة على التعامل بإيجابية مع الانتقادات المقدمة لها. مؤكدا على أنه كلما اتسع فضاء الثقة، كلما اتسع مجال القبول التلقائي والانسيابي لتدخلات الوسطاء.وقد شدد وسيط المملكة في كلمته، على أن توسيع قاعدة ومستويات التعاون المؤسساتي وتنويعها بين ما هو “أساسي”، وبين ما هو “منتظم”، وبين ما هو “شراكة استراتيجية”، وبين ما هو “تعاون ظرفي” تتطلبه ظروف الأزمات، يشكل بدوره أحد المداخل المهمة لتحسين العلاقة بين الطرفين.وفي ختام مداخلته، أكد السيد محمد بنعليلو على أن إشراك وسائل الإعلام والجمهور في الأداء الحقوقي للأمبودسمان، والمساعدة في دعم مرئيته المؤسساتية، من شأنه ممارسة نوع من الضغط المعنوي على الإدارة عبر خلق راع مشترك للمشاريع الحقوقية التي يتبناها. معتبرا أن نجاح هذه التصورات، يشترط من جانب مؤسسات الأمبودسمان “الحفاظ على الاستقلالية والحياد، وعدم السقوط في الانحياز السياسي”، ومن جانب الإدارة “صدق الإرادة السياسية للتعاون ولحل القضايا الحقوقية المطروحة”.