المصطفى الزواوي
خصصت الدورة 24 للمهرجان الدولي للسينما الإفريقية، التي تنظمها مؤسسة المهرجان، من 11 إلى 18 ماي 2024، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ندوة فكرية رئيسية، صباح يوم الأحد 12 ماي بالخزانة الوسائطية التابعة للمجمع الشريف للفوسفاط بخريبكة؛ اطرها نخبة من الأكاديميين والجامعيين والنقاد والسينمائيين البارزين في القارة السمراء وافريقيا الشمالية؛ حيث شارك من المغرب الأستاذ بوشتى فرقزيد منسقا للندوة بمشاركة ذ/ محمد محفيظ، الذي ركز في مداخلته على مفهوم الاستيتيقا كفرع متخصص متفرع عن فلسفة الفن، التي أسس جذورها، الفلسوف الألماني، اميانويل كانط.. ومن السينغال شارك د/ بادو ندوي شارك بمداخلة ركزت.على نموذج أعمال الهرم السينمائي عثمان سامبين الذي اتخذ من السينما أداة تعبيرية واقعية ومصدر بيداغوجيا لتكوين وتوعية جماهيرية ومساهمة في التوعية الجماعية..؛
اما من مصر فكانت المساهمة الأولى الأولى للسيد فؤاد السيد الذي أكد على تواجد تعدد اوجه السينما وسينمائيات افريقية ولكل دولة خصوصيتها السينمائية تتعدد معها الجماليات السينمائية..؛ اما المساهمة الاخيرة في الندوة فكانت للمصرية عزة الحسيني، التي نهجت مقاربة سوسيولوجية للسينما في علاقة الانتاج بالمتلقي وبالتالي علاقة الصناعة السينمائية بالمجتمع؛ مركزة على الخصوصية والتفرد في الصناعة السينمائية وما تنتجه من اوجه تعبيرية تتوخى جمالية تبعث باحساس متفرد لدى المتلقي ..
عموما كان لتناول الندوة لقضية الجمالية في السينما الإفريقية ما يبرره؛ إذ لم يكن اختيار العنوان اعتباطا بل جاء في سياق طرح اشكالي يدخل في صميم الاهتمام النقدي بالسينما الافريقية كاداة تعبيرية من خلال لغة وتيمات تعكس واقعا ومتخيلا من صلب متلقي افريقي في محاولة دؤوبة لتلبية حاجة امتاع وخلق انتاج ذي منفعة قابلة للاستهلاك وأداة للاندماج الاجتماعي.. بل اكثر تأثير وفعالية على ذوق المتلقي، مخلخلة وعيه وبالتالي باعثة في اعماق الانسان الافريقي قلقا وجوديا جاعلة منه أكثر تأهيلا وأكثر اندماجا مع واقعه لمر..
لكن إذا كان لا مناص من طرح سؤال الجمالية في سياق توافر مسوغاته وما يبرره.. فإن مسألة تحقيق هذه الجمالية كهدف يبقى رهينا بشروط انتاج الفيلم الافريقي، كصناعة تتحكم فيها شروط مادية وايديولوجية خارج عن ارادتها..
واخيرا يمكننا تصور مشروع استتيقا السينما كدراسة للطريقة التي تحدث بها السينما القيم الجمالية وتجعلها متميزة، بل وتساهم فضلا عن ذلك في خلق قيم جديدة.. وفي هذه الحالة، وجب أن نفهم من كلمة «سينما»، نوع النشاط الإنساني الذي يشمل كلا من فيلم العائلة والأفلام من الدرجة الثانية والأفلام الفكاهية وأفلام المقاولات والأفلام الكلاسيكية العظيمة والروائع، وأيضا الاستعمال العادي أو الوظيفي للوسيط السينمائي وكذا استعماله الفني. ومن الممكن، في ضوء كل هذا أن يقع الخلط بين الإستتيقا وسوسيولوجيا الذوق الفني. وكما لاحظ “بيير بوردیو” “
P Bourdieu” ،
فإن الجميل كقيمة متدنية في الثقافة العالمة لا زال يقوم بوظيفته داخل الثقافة الشعبية. وعلى عكس هذا الأمر، فما أن نتوغل داخل الخصوصية الفنية للإستتيقا، أي ما أن نحصر فحص القيم في الأعمال التي تعتبر فنية ، حتى نخضع للشروط التي يضعها تعريف الإستتيقا كفلسفة للفن. ويقدم لنا هيجل، كاحد روادها نموذجا واضحا لهذه الشروط، وذلك من خلال الطريقة التي يحدد بها العملية الفلسفية للمفهمة ضمن معالجته للفن. (انظر الفصل الثاني:” ..جمالية السينما” صص -25-58؛ ضمن كتاب، حوار الفلسفة والسينما، تأليف برغسون دولوز، غودار و آخرون؛ ترجمة وتقديم : د. عزالدين الخطابي، عن منشورات عالم التربية؛ ط 1سنة 2006 ؛المطبعة : النجاح الجديدة – الدار البيضاء)؛
وعليه ان تميز مصطلح الاستيتيقا هو تفردها في البحث عن القيمة الجمالية كصفة تجعل الشيء مرغوبا فيه، وتطلق على ما يتميز به الشيء من صفات تجعله يستحق التقدير ويخلق المتعة والمنفعة واللذة.. وتعتبر القيمة مصطلحا فلسفيا يتأرجح بين المادي والملموس، بين الغموض والوضوح وتظهر في عناصر العمل الفني مثل الخطوط، الألوان، الضوء..الموسيقى، السرد والحكي..التمثيل ومختلف الادوات التعبيرية للفيلم المسخرة من أجل خلق متعة بصرية..