•بطالة الشباب في المناطق القروية: وصلت إلى 48.8% في 2024 •السياحة الساحلية المغربية: 32% من الوظائف مهددة بحلول عام 2035. • غياب آلية دعم الاستثمارات المتراوحة بين 10 و50 مليون درهم؟بقلم الزوبير بوحوتتسجل السياحة المغربية أداءً استثنائياً يتجاوز بكثير المستويات التي وصلت إليها قبل الجائحة.
تميزت الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024 بزيادة برقمين في عدد الوافدين ، مما يعكس عودة المغرب بقوة إلى الساحة العالمية. بالموازاة مع ذلك، تستمر العائدات بالعملة الأجنبية في الارتفاع، لتصل إلى مستويات غير مسبوقة. و تعكس هذه الدينامية صمود قطاع السياحة وأهمية خارطة الطريق التي وضعت في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتي لعبت دوراً رئيسياً في إنعاش القطاع.هذا المخطط الاستراتيجي، الذي تم تنفيذه بعد الصدمات المتتالية للأزمة الصحية، لم يسهم فقط في جذب المزيد من السياح، بل ضمن أيضًا توفير فرص عمل لمئات الآلاف من المهنيين في القطاع السياحي، فمهنيو الفنادق و المطاعم، ووكالات الاسفار و النقل السياحي والمرشدون السياحيون يستفيدون مباشرة من هذا الانتعاش الاقتصادي، الذي ينعش مناطق كاملة. كما أن الحوافز المقدمة من خلال برنامج “Go Syaha”، وميثاق الاستثمار، و”Cap Hospitalité” قدمت فرصًا جديدة للمستثمرين.ومع ذلك، رغم النتائج الإيجابية، يجب على السلطات المغربية الحفاظ على هذا الزخم وتكثيف دعمها. مع ضرورة تعزيز الربط الجوي، خاصة بزيادة الرحلات الجوية، لتمكين المملكة من اقتناص حصص أكبر من السوق العالمية. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يشمل الترويج للوجهات الأقل استفادة من هاته الانتعاشة مع تطوير منتجات سياحية جديدة من اجل تنويع العرض السياحي وجذب شريحة أوسع من السياح.ومن بين العناصر الأساسية لضمان استدامة هذه الدينامية يجب التركيز على الاسراع في تنفيذ المشاريع المهيكاة المقررة في إطار خارطة الطريق الجديدة للسياحة. كما تتطلب هذه المشاريع مشاركة فعالة من طرف الفاعلين المحليين في مختلف الجهات ، من خلال تفعيل آليات الدعم وتسهيل الوصول إلى الأراضي المخصصة للاستثمار للسياحي. علاوة على ذلك، يجب أن تركز الاستراتيجية على تحسين البنية التحتية، وإنشاء مراكز سياحية إقليمية وجهوية ، وتثمين الخصائص المحلية لضمان سياحة مستدامة وشاملة. بالإضافة إلى ذلك، يكمن التحدي الرئيسي للقطاع في تحسين معدلات التشغيل الفندقي، التي لا تزال دون الإمكانيات الحقيقية للبلاد. رغم أن وجهات مثل مراكش وأكادير تحقق معدلات تشغيل مرتفعة، فإن مناطق أخرى لا تزال تكافح لجذب السياح. فاعتماد استراتيجية ترويجية أكثر استهدافًا، إلى جانب دعم أكبر للمقاولات الصغيرة والمتوسطة في قطاع السياحة، قد تسهم في معالجة هذه التفاوتات والنهوض بالمناطق الغير المستغلة بشكل كافٍ.كما أن خلق فرص الشغل في قطاع السياحة يمثل رافعة أساسية للاستجابة السريعة لأزمة البطالة التي بلغت مستويات مقلقة في المغرب. فالقطاع السياحي كفيل بإحداث فرص شغل على المدى القصير، ولكن للاستفادة الكاملة من هذا الإمكانيات، من الضروري تعزيز الربط الجوي، و تكثيف الترويج للوجهات وتكييف آليات الدعم للاستثمارات المتوسطة. لقد حدد سقف الـ10 ملايين درهم لبرنامج “Go Syaha” فيما يبلع الحد الأدنى الى 50 مليونًا درهم للاستفادة من الدعم المخصص في إطار ميثاق الاستثمار وهو الأمر الدي يحول دون استفادة المشاريع التي يتراوح حجمها بين هذين المستويين، والتي يمكن أن تلعب دورًا رئيسيًا في خلق فرص شغل مهمة. هدا ويمكن لتعديل هذه الآليات جذب المزيد من الاستثمارات، وتحفيز نمو القطاع، وتسريع حل مشكلة البطالة.فوفقًا لوالي بنك المغرب، لا تزال بطالة الشباب في المغرب تشكل مصدر قلق كبير، حيث شهدت معدلات البطالة بين هذه الفئة تفاقمًا كبيرا، خاصة في المناطق القروية، حيث ارتفعت النسبة من 46.1% إلى 48.8% في الربع الثاني من عام 2024. و في المناطق الحضرية، ارتفعت أيضًا من 33.6% إلى 36.1%. من جهة أخرى، هناك تهديد حقيقي بفقدان الوظائف في السياحة الساحلية المغربية، التي تمثل حوالي 30% من القطاع السياحي الوطني وتوظف أكثر من 300 ألف شخص، وهو ما يشكل مصدر قلق كبير بحسب تقرير للبنك الدولي الدي يتوقع انخفاضًا بنسبة 32% في الوظائف بحلول عام 2035، مما يؤثر بشكل خاص على مناطق مثل أكادير، طنجة-تطوان والدار البيضاء. كما انه من المتوقع ان يشهد انخفاض في الإنفاق السياحي، الذي يُقدر بين 8% و18%، وهو ما قد يؤثر بشكل كبير على قطاعات رئيسية مثل الفنادق، المطاعم والإمدادات الغذائية، مما يضعف المقاولات الصغيرة. وأمام هذه المخاطر، يؤكد التقرير على ضرورة الانتقال إلى سياحة مستدامة وبنية تحتية مرنة لتجنب تقلص القطاع، مما يهدد الاقتصاد المحلي ورفاهية آلاف العمال.يمتلك المغرب جميع المقومات ليصبح واحد من أهم الوجهات السياحية الأولى في العالم. فالإنجازات الحالية،بتحقيقها لنتائج جيدة تعطي لمحة عن الإمكانات المستقبلية، كما ستسمح استراتيجية استثمارية أكثر شمولية، مدعومة بدعم مستمر لتطوير البنية التحتية والترويج للبلاد، بتعزيز هذه المكاسب ودفع السياحة المغربية إلى آفاق جديدة.