


عادل زيد
ما يزال نقاش خضوع مؤسسات وهيئات الحكامة لرقابة البرلمان، مطروحا على طاولة نقاش جميع نواب الأمة بمختلف انتماءاتهم ومعتقداتهم السياسية، حيث ومباشرة بعد إصدار هذه المؤسسات لتقاريرها السنوية، يفتح النقاش القديم الجديد حول صحة عدم حضور مسؤولي هذه الهيئات لتقديم ومناقشة التقارير التي أصدرتها أمام غرفتي البرلمان.تجدر الإشارة، أنه غالبا ما ينتصر في هذا النقاش الاتجاه القائل بأن جميع الهيئات والمؤسسات العمومية بما فيها مؤسسات الحكامة، مادامت لا توجد تحت وصاية السلطة التنفيذية، فهي لا يجب أن تخضع لأي رقابة من طرف السلطة التشريعية، مستندين في ذلك على فهم معين للمقتضى الدستوري الذي نص على استقلالية هذه المؤسسات، وعلى قرار المجلس الدستوري الذي أطر هذه الاستقلالية عندما قضى بعدم دستورية المقتضيات المتعلقة بطريقة تقديم هيئات ومؤسسات الحكامة لتقاريرها السنوية أمام مجلس النواب، حيث كان ذلك بمناسبة بته في مدى دستورية النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2012، هذا النظام الذي كان يتضمن مادة تقضي بوجوب عرض هذه المؤسسات لتقاريرها أمام أعضاء هذا المجلس.لكن، يبدو أن نواب الأمة قد اهتدوا أخيرا لحل وسط بخصوص هذا النقاش الإشكالية، حيث نظمت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، خلال الأسبوع الجاري ثلاث اجتماعات خصصت جميعها لتقديم تفسيرات بعض مؤسسات الحكامة لآرائها بخصوص مشروع قانون المسطرة الجنائية، ويتعلق الأمر بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وقد تميزت هذه الاجتماعات بحضور رؤساء هذه الهيئات بصفة خاصة، كما كانت مناسبة أمام نواب الأمة لطرح العديد من الأسئلة، سواء المرتبطة منها بموضوع الاجتماع، أو تلك المتعلقة بمواضيع أخرى متصلة بعمل وتدخلات هذه الهيئات، حيث غاب بشكل لافت كل نقاش حول إشكالية مثول رؤساء هذه الهيئات، ومساءلتها ومحاسبتها.في هذا السياق، فإن المنتظر هو أن تسير باقي اللجان الدائمة بمجلس النواب، على هذا المسير الذي خطته لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، حتى تتكرر وتتعدد زيارات رؤساء مؤسسات الحكامة لقاعات وردهات مقر مجلس النواب، وحتى تنتعش العلاقات بين هذه المؤسسات وبين مؤسسة البرلمان، خاصة أن هذه العلاقات قد خضعت لتطور إيجابي منذ اعتماد دستور 2011، وهو التطور الذي كرس مبدأ التعاون والتكامل بين المؤسسات في المغرب.