الأخبار
الرئيسية / الرأي والرأي الآخر / ملاحظات أولية  بشأن مشروع قانون رقم25-26 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة  التخلي عن المقاربة الدستورية و الحقوقية في تنظيم قطاع الصحافة و تكريس المقاربة الضبطية والاقتصادية

ملاحظات أولية  بشأن مشروع قانون رقم25-26 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة  التخلي عن المقاربة الدستورية و الحقوقية في تنظيم قطاع الصحافة و تكريس المقاربة الضبطية والاقتصادية

 محمد الأعرج/الوزير الأسبق للاتصال/أستاذ القانون العام      

     بقراءة أولية لمقتضيات مشروع هذا القانون نخلص إلى ملاحظات أولية  جوهرية تتعلق أساسا بما يلي : – هل سعت الحكومة من خلال هذا المشروع إلى استبعاد المقاربة الدستورية الحقوقية في تنظيم قطاع الصحافة المنصوص عليها  في الفصل 28 من دستور المملكة و الذي  نص على تنظيم قطاع الصحافة بكيفية مستقلة و على أسس ديموقراطية و كرست بذالك المقاربة الضبطية الاقتصادية .علما أن الحاجة ماسة اليوم بعد ثلاث سنوات من تعطيل مقتضيات القانون السابق إلى إخراج قانون ذات شرعية دستورية ومشروعية قانونية ،يقوم على الاستقلالية و الديموقراطية ويتسم كذالك بالوضوح و قابلية الولوج إليه و ضامن الأمن القانوني ، وهي كلها متطلبات جوهرية ذات طبيعة دستورية .وتأتي هذه الملاحظات  كذالك في مرحلة رصد فيها تقرير مؤسسة ” تشاندار للحكامة ” المتعلق بمؤشر الحكامة الجيدة لسنة 2024 ، مؤشرات مخيفة سجل فيها المغرب تراجعا بثمان مراكز في تصنيفه ضمن مؤشر الحكامة الجيدة ليحتل المركز 70 من أصل 113 دولة شملها المؤشر بعد حصوله على 0.47 نقطة من أصل 1 .ويعتمد مؤشر هذه المؤسسة  على معايير فرعية تشمل القيادة و الرؤية المستقبلية ، قوة القوانين و السياسات العمومية هذه الملاحظات نابعة من قراءة أولية لمقتضيات هذا المشروع و تتجلى على مستويات متعددة منها على وجه الخصوص ما يلي :v             على  مستوى المنهجية المتبعة في إعداد و إخراج هذا المشروع :إن المنهجية المتبعة في إخراج و إعداد هذا المشروع إلى حيز الوجود تثير تساؤلات جوهرية  من أهمها :- غياب النشر الاستباقي لمشروع النص التشريعي بموقع الأمانة العامة للحكومة .- غياب دراسة الأثر الواجب إرفاقه بالمشروع – عدم نشر توصيات اللجنة المؤقتة للصحافة تطبيقا للمادة 4 من القانون رقم23-15- عدم العمل بمرسوم  رقم 705-24-2 الذي يمنح للأمانة العامة للحكومة بمجموعة من الاختصاصات أبرزها تيسير الولوج إلى المعلومات القانونية و تحسين وضوحها و مقروؤيتها .- غموض وإبهام عنوان مشروع القانون من خلال صياغته التي جاءت على الشكل التالي : “إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة” و كأن الأمر يتعلق بإعادة تنظيم الفرع الثاني من القانون السابق و الذي خصص فرعا تحت عنوان ” تنظيم المجلس ”  .- عدم التنصيص في الأحكام الانتقالية و الختامية عن تاريخ دخول مقتضيات هذا النص القانوني  حيز التطبيق.وبخصوص مقتضيات و مضامين مشروع القانون سنكتفي ببعض الخلاصات الأولية من أهمها ما يلي : أولا : التخلي عن  المقاربة الدستورية و الحقوقية في تنظيم قطاع الصحافة :لابد من التأكيد بداية أن المشرع الدستوري أدرج تنظيم قطاع الصحافة ضمن الباب الثاني المتعلق بالحقوق و الحريات الأساسية ، و المشرع الدستوري كان واعيا أن لهذا التنظيم ارتباط وثيق بأسس ومرتكزات الديموقراطية و بحرية التعبير ، وبالاستقلالية و ليس بآليات الضبط والتقنين والمرتكزات  الاقتصادية  و التي أدرج مقتضياتها ضمن الباب الثاني عشر المتعلق بهيئات الحكامة الجيدة و التقنين. وهذه الملاحظة يتم استخلاصها مما يلي : 1-   نص مشروع القانون على انتخاب الصحافيين المهنيين السبعة عن طريق اقتراع فردي مباشر بدل نظام اللائحة المعمول به سابقا . علما أن نظام التصويت الفردي نظام لايحقق حياة ديمقراطية سليمة و تمثيل نيابي صحيح و يجعل الانتخاب مفاضلة على أساس الاعتبارات الشخصية و ليس على أساس الكفاءة و البرامج.2-   عدم مراعاة الأحكام الدستورية ذات الصلة بمرتكزات الديمقراطية وبحرية التعبير و الالتزامات الدولية للمملكة في مجال الحقوق المهنية ، من خلال التنصيص على الانتداب عوض الانتخاب بخصوص تمثيلية الناشرين الذين يتم انتدابهم من قبل المنظمات المهنية وفق قواعد حصص بينما كان القانون السابق ينص ببساطة على سبعة أعضاء ينتخبهم ناشرو الصحف من بينهم 3-    استبعاد تمثيلية الهيئة الدستورية المكلفة بتحقيق المشروع المجتمعي المتكامل .وهيئات حقوقية أخرى :سعى هذا المشروع إلى استبعاد ممثل المجلس الوطني للغات و الثقافة المغربية علما أن هذا المجلس تركز مرجعيات إحداثه على الفصل 5 من الدستور الذي نص على أن مهمته تكمن على وجه الخصوص حماية و تنمية اللغتين العربية و المازيغية و مختلف التعبيرات الثقافية المغربية.كما تم استبعاد ممثل جمعية هيئات المحامين كهيئة حرة مستقلة تساعد القضاء و تساهم في تحقيق العدالة. وتم كذالك استبعاد ممثل عن اتحاد كتاب المغرب كجمعية ثقافية تعمل على دعم الممارسة الثقافية و ترشيدها.استبعاد تمثيلية هذه الهيئات غير مبررة و تطرح تساؤلات بدورها حول الجدوى من ذالك .ثانيا : تكريس المقاربة الاقتصادية وآليات الضبط و يتضح  ذالك من خلال ما يلي : 1-إدراج تمثيلية المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي و هي مؤسسة دستورية مكلفة بمهام استشارية تتم استشارتها و فق الفصل 152 من الدستور في جميع القضايا التي لها طابع اقتصادي و اجتماعي وبيئي ، وهنا يطرح السؤال حول مغزى هذه التمثيلية ، فهل الأمر أضحى أن الاقتصاد هو المحدد الأساسي للتشريع .كذالك و بموجب المشروع ،  تم تقسيم  المقاولات الصحفية إلى فئات وفق معاملاتها السنوية على أن يخصص مقعد واحد لكل فئة ضمن المقاعد السبعة المخصصة للناشرين ، ما يعني عمليا أن المؤسسات الأكبر من حيث رقم المعاملات تكون هي الممثلة في المجلس وفق ترتيب تنازلي ، وهو ما يثير ملاحظات من سيطرة المؤسسات الكبرى على قرار المجلس و استبعاد المقاولات الإعلامية  الصغيرة المتوسطة.    2- آليات الضبط و العقوبات التأديبية: تم التنصيص على إحداث و مسك سجل خاص بالصحافيين المهنيين و سجل خاص بالناشرين باعتبارها آلية لضبط القطاع. وإذا كان المشروع قد خصص لمسطرة الوساطة و التحكيم الباب الثامن وفي حدود (6 مواد ) ، علما أن هذه المقتضيات هي  جوهر عمل المجلس الوطني . في مقابل ذالك خصص المشروع بابا مستقلا للتأديب و الأخطاء التي توجب التأديب و  للعقوبات التأديبية حوالي (15 مادة ). هذا من جهة و من جهة أخرى  و من بين المستجدات الواردة في المشروع وتطرح بدورها تساؤلا يتعلق الأمر بإقرار عقوبة جديدة تتمثل في توقيف إصدار الصحيفة الورقية أو الالكترونية  إلى جانب نشر العقوبات التأديبية فور صدورها بصفة نهائية .وإذا كان القانون رقم 90.13 نص على عقوبات تأديبية في حق الصحافيين المهنيين و المؤسسات الصحافية تشمل التنبيه دون نشره للعموم ، و الإنذار الذي يمكن للمجلس ان يقرر نشره على العموم و السحب المِؤقت لبطاقة الصحفي المهني لمدة لا تتجاوز السنة  و في حالة العود يتم هذا السحب لمدة يحددها المجلس إلا أن المشروع من جهته نص على حالة العود ،إذ اقترح المشروع  سحب بطاقة الصحفي المهني لمدة لا تتجاوز سنة و في حالة  العود يتم هذا السحب لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات دون منح السلطة التقديرية للمجلس كما كان معمولا به في القانون السابق .نخلص مما سبق إلى ملاحظة  جوهرية ختامية وهي :  هل فعل التشريع تحكمه آليات الضبط  و الاقتصاد أم تحكمه  الحكمة و الضوابط الدستورية و الحقوقية ؟  

عن Zwawi

شاهد أيضاً

برنامج المخيمات الصيفية – صيف 2025: 2000 طفل سيستفيدون من برنامج التخييم أكت4كومنيتي خريبكة Act4Community khouribga

في إطار برنامج المخيمات الصيفية 2025 الذي تشرف عليه وزارة الشباب والثقافة والتواصل-قطاع الشباب تحت …

اترك تعليقاً