
زايد جرو/ كاتب وإعلامي من الراشيدية
مغرب زمان في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر مرت عليه ازمات طبيعية ومناخية فعسر العيش على الساكنة وضنكت الحياة وانتشرت الاوبئة والمجاعات واصبح كل شيء يستباح من اجل الحياة والعيش . الحقول لا تنتج ومن يفلحها عراه الزمن واصبح العيش مما تجود به الصحراء من ضباب وذئاب وثعالب ولم يسلم لا الطير ولا الجراء من الصيد ليكون وجبة دسمة في ايام هجرته الجماعية الوافدة من الصحراء جنوباً حيث يتماس المجال مع مناطق حارة وجافة شكلت مواطن طبيعية له، ولم تسلم منه حتى الجزيرة الخضراء الاندلس.وذاكرة المغاربة تصنف الجراد ضمن أخطر آفات الطبيعة، وغزوه كاسح سريع ومفاجئ وياتي على الاخضر واليابس و يتميز بقدرته على خزن بيضه استعداداً لاجتياحات موسمية حيث يبحث عن تربة مناسبة لإنزال بيضه، ومع كل اعتدال في الحرارة تتم عملية التفقيس ليظهر على شكل ذباب قبل انتقاله إلى وجهات أخرى .وقد اتسعت هجرات ‘ الجراد’ بالمغرب عبر موجات حلقية منذ النصف الأول من القرن الثالث عشر الميلادي وكلما اشتد الجفاف وشحت المياه يستعيد الجراد رحلاته الجماعية ويهاجم فيها كل شيء ولا يسلم منه حتى الانسان.عندما يسافر الجراد بحثا عن موطن أمن يصادف عبر الزمان شعوبا اشد جوعا منه تقتنصه ليصبح وليمة دسمة بعد ان ييبس ويباع في الاسواق ويقدمة الناس طعاما على شكل وجبات لسد ‘ قرصات’ الجوع . وبالجنوب الشرقي المغربي الكثير من القبائل كانت أكلة للجراد زمن الجوع وغير الجوع فإلى حدود الثمانيات كانت العادة مألوفة ولا عيب فبها حيث يؤكل يابسا وهو غني بالبروتينات قبل ان يسمم بالمواد الكيماوية لاحقا والتي ترشها الطائرات من اجل ايقاف الزحف.في العصر الحاضر يتأفف الناس من اكله ويقبلون على اكل ‘البيبوش ‘ بلهفة مفرطة والجراء اكله حلال بمرجعية السنة النبوية الشريفة حيث أشار الرسول الكريم إلى إباحة اكل الجراد فى حديثه الشريف : ‘أحل لكم ميتتان السمك و الجراد و أحل لكم دماء الكبد والطحال’.الجراد الطبيعي قلت حركته للتطور العلمي وكان يهاجم ويهاجَم لانه صالح للاكل بمرجعية دينية وهو ارحم وللاسف حيث حل محله صنف من البشر هو جراد يأتي ايضا على الاخضر واليابس ولا يعرف الرحمة باسم حرية الاسعار.. الفقراء والطبقة الوسطى في الأسواق تشكي وتشتكي من الغلاء والكل يعلق موجة الغلاء على الاخر مرة الوسطاء ومرة أرباب الإنتاج ومرة وسائل النقل ..ومراقبة الأسعار مستمرة بالأسواق، لكن المشكل اكبر من ذلك، والحكومة تعرف اين الداء لكن الوصفة لمعالجته معقدة لانها ستمس بمصالح جراد سماسرة البلاد والعباد وتجار الازمات.