الأخبار
الرئيسية / الرئيسية / كلمة رئيس النيابة العامةبمناسبة اللقاء الوطني حول موضوع “تنزيل العقوبات البديلة في ضوء العدالة الصديقة للأطفال” بقصر المؤتمرات بالصخيرات

كلمة رئيس النيابة العامةبمناسبة اللقاء الوطني حول موضوع “تنزيل العقوبات البديلة في ضوء العدالة الصديقة للأطفال” بقصر المؤتمرات بالصخيرات

كلمة السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامةبمناسبة اللقاء الوطني حول موضوع “تنزيل العقوبات البديلة في ضوء العدالة الصديقة للأطفال”يومي 21 و 22 يوليوز 2025 بقصر المؤتمرات بالصخيرات

 بسم الله الرحمان الرحيموالصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبهالسيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛السيد وزيـر العـدل السيد المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماجالسيد المنسق العام لمؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء السيدة ممثلة منظمة اليونسيف بالمغرب؛السيدات والسادة ممثلي القطاعات الحكومية وغير الحكومية المعنية بقضايا الطفولة؛حضرات السيدات والسادة كل باسمه وصفته والاحترام الواجب له.إنه لمن دواعي سروري أن أفتتح معكم اليوم أشغال اللقاء الوطني حول “تنزيل العقوبات البديلة في ضوء العدالة الصديقة للأطفال” الذي تنظمه رئاسة النيابة العامة في إطار برنامج التعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونسيف.وبهذه المناسبة أود أن أشكر السيدة لورا بيل وكذا فريق عملها على التفاعل والتجاوب الدائم مع برامج واقتراحات رئاسة النيابة العامة الرامية للنهوض بحقوق الطفل وتعزيز ولوجه للحماية القضائية.حضرات السيدات والسادة؛إن الدول تُبْنَى بسواعد أبنائها، لذلك فشباب الغد هم أطفال اليوم، فلم تعد الثروات الطبيعية وحدها مقياسا لغنى الشعوب أو تقدمها، بل إن العنصر البشري هو قاطرة التنمية بمختلف أبعادها.لذا ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله يؤكد على ضرورة النهوض بالرأسمال البشري وتأهيل الإنسان وحماية حقوقه، كما دعا في غير ما مرة إلى ضرورة الاعتناء بالطفل باعتباره المخزون الاستراتيجي والرأسمال اللامادي لبلادنا، وإلى ضرورة اعتماد سياسة عمومية يكون الطفل في صلبها. وفي هذا الإطار وجه جلالته رسالة سامية إلى المشاركين في الدورة العاشرة للمؤتمر الوطني لحقوق الطفل بتاريخ 25 مارس 2013 دعا فيها كل “الفاعلين في هذا المجال حكومة وهيآت عمومية وجماعات محلية ومجتمعا مدنيا وقطاعا خاصا ومؤسسات إعلامية للمزيد من التعبئة والتنسيق للنهوض بأوضاع طفولتنا في إطار خطة مندمجة وتوفير كل الوسائل الكفيلة بتفعيلها لتنشئة الطفل بما يضمن تفتحه ومساهمته في بناء شخصيته ومجتمعه وتحقيق مواطنته الكاملة… “.حضرات السيدات والسادة؛لا يخفى على حضراتكم أن حرص بلادنا على شؤون أطفالنا يتأكد كذلك من خلال المصادقة على الاتفاقيات والصكوك الدولية التي تعنى بحقوق الطفل، ما جعل منه شريكا دوليا يعمل من أجل رفاه هذه الفئة، وهو انخراط تجلى من خلال سن قوانين وطنية تتماشى والقيم الكونية المتعارف عليها.ومن هذا المنطلق، وإيمانا منها بأهمية الدور الذي تلعبه النيابة العامة في حماية الأطفال في تماس مع القانون، حرصت رئاسة النيابة العامة منذ تأسيسها على إيلاء هذه الفئة عناية خاصة عبرت عنها من خلال مجموعة من الدوريات والمناشير الموجهة إلى قضاة النيابة العامة تحثهم فيها على الاهتمام بقضايا الأطفال وتفعيل المقتضيات القانونية مع الحرص الدائم على تحري مصلحتهم الفُضْلَى. وفي نفس السياق دعت رئاسة النيابة العامة في الدورية رقم 18 بتاريخ 11 دجنبر 2024 إلى استغلال الفترة السابقة لدخول القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة حيز التنفيذ لفتح نقاش لتدارس أحكامه، وتحديد الطرق المثلى لتنفيذه، واستشراف الصعوبات التي يمكن أن تُثَار بهذا الشأن.وإذ تنظم رئاسة النيابة العامة اليوم هذا اللقاء قُبَيْلَ دخول القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، فهي تود أن تطرح للنقاش مجددا مرتكزا كان ولايزال ذا راهنية كبرى ألا وهو القراءة السليمة لغاية المشرع من هذا القانون وتسليط الضوء على أنجع السبل للموازنة بين سلامة تطبيق القانون والحفاظ على مصالح الأطراف المعنيين به، لاسيما عندما يتعلق الأمر بأطفال في طور التنشئة وبناء الذات، وهو الأمر الذي اهتمت به الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الطفل ، وفي هذا الإطار أصدرت لجنة حقوق الطفل في عام 2007 التعليق العام رقم (10) بشأن حقوق الطفل في إطار عدالة الحداث. مؤكدة على أن نظام عدالة الأحداث يجب أن يعزز استخدام التدابير غير الاحتجازية بوصفها أداة لعدالة إصلاحية وتحويلية للتعامل مع الأطفال في نزاع مع القانون، وأن يكون استخدامها فعال بما يكفل تحقيق المصلحة الفضلى للطفل ومصالح المجتمع قصيرة وطويلة المدى على حد سواء.ومن جهتها أكدت قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث (المعروفة اختصارا بقواعد بكين) في الفقرة (13) على عدم جواز استخدام الاحتجاز إلا كملجأ أخير ولأقصر فترة زمنية ممكنة، والاستعاضة عنه، حيثما كان ذلك ممكنا، بإجراءات بديلة مثل: المراقبة عن كثب، أو الرعاية المركزة، أو الإلحاق بأسرة أو بإحدى مؤسسات أو دور التربية. واشترطت الفقرة (17) ألا يتم حرمان الحدث من حريته إلا في أضيق نطاق.حضرات السيدات والسادة؛إن الفلسفة التي تُبْنَى عليها عدالة الأطفال تقتضي اعتبار جميع الأطفال في تماس مع القانون سواء كانوا ضحايا أو جانحين أو في وضعية صعبة أو في وضعية إهمال، أطفال يحتاجون للحماية بالنظر لكونهم ضحايا عوامل وظروف شخصية وعائلية واقتصادية واجتماعية، أثرت على حياتهم ودفعت بهم إلى التماس مع القانون، ولهذا ينبغي على آليات العدالة أن تتقصى مصلحتهم الفضلى لبلوغ عدالة صديقة للطفل كنظام يتوخى أنجع السبل لتكييف الإجراء القانوني مع الظروف الخاصة للطفل ومصلحته الفضلى، وهو ما يدعو أولا وأخيرا إلى إبقاء الطفل في كنف أسرته ووسطه الحمائي الطبيعي، فكل انفصال عن البيئة الأسرية يعرض الطفل لأضرار متعددة ويهدد مستقبله وكيانه.ومما لا شك فيه أن الإيداع بالمؤسسات السجنية هو آخر ملاذ يُمكن اللجوء إليه، لذا يقتضي الأمر مناقشة مختلف بدائل العقوبات السالبة للحرية كالعمل لفائدة المنفعة العامة أو التدابير الرقابية الخاصة بالأحداث الجانحين، وغيرها من البدائل التي تتيح وفقا للقانون الجديد تفادي سلب حرية الأطفال.ومقاربة هذا الواقع تتطلب منا جميعًا – قضاة، وفاعلين حكوميين ، وأخصائيين، ومجتمعًا مدنيًا – أن ننظر إلى الأطفال نظرة المسؤول عن تقويم سلوكه وتهذيبه بذل زجره وعقابه، وأن نعمل جاهدين لتوفير بيئة قانونية وإنسانية تضمن لهم فرص الإصلاح والاندماج.وهذا يجعل من العقوبات البديلة أحد الحلول الناجعة التي باتت تفرض نفسها اليوم، ليس فقط كوسيلة للتخفيف من الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، ولكن أيضًا كوسيلة لتحقيق العدالة الإصلاحية والإنسانية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأطفال. فالسجن، كما نعلم جميعًا، وسيلة لإعادة التأهيل، لكنه في حالات كثيرة، خصوصًا بالنسبة للأطفال، قد يتحول إلى بيئة للتطبيع مع السلوك الاجرامي نتيجة تأثير الأقران والاختلاط معهم الشيء الذي قد يغذي فيهم مشاعر التمرد والانفصال عن المجتمع، ولذلك فإن مفهوم العقوبات البديلة في قضايا الأطفال ليس مجرد خيار قانوني فحسب، إنمـــا خيار حضاري وأخلاقي يعكس مدى نضج المجتمع وحرصه على بناء مستقبل أفضل لأطفاله.حضرات السيدات والسادة؛لقد جاء القانون 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة بتصور حديث لمعالجة القضايا التي تستوجب العقوبات السالبة للحرية، وذلك من خلال منح القضاء صلاحية استبدال العقوبات الحبسية النافذة بتدابير بديلة، تتيح للطفل في نزاع مع القانون قضاء عقوبته في بيئة طبيعية ومألوفة، مما يسهم في تقويم سلوكه وتيسير إدماجه في المجتمع، بالإضافة إلى ضمان استمرارية مساهمته في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، مع اعتماد نظام تتبع دقيق لتقييم أثر هذه العقوبات، تحت إشراف الجهات القضائية أو الإدارية المختصة وفقًا لما ينص عليه القانون الخاص بتنفيذ العقوبات البديلة.وبالنظر إلى أهمية المقتضيات التي جاء بها هذا القانون في حق الأطفال في نزاع مع القانون، والخيارات التي أتاحها لقضاة الأحداث وكذا قضاة تطبيق العقوبات في إطار إقرار بدائل عن العقوبات السالبة للحرية، وكذا بالنظر للصلاحيات التي خولها للنيابة العامة المتمثلة في تفعيل الدور الاقتراحي لاعتماد العقوبات البديلة وتدخل النيابة العامة في تيسير تنفيذ العقوبات البديلة، والتفعيل الأمثل للصلاحيات المتصلة بتنفيذ كل نوع من أنواع هذه العقوبات .فإن هذا اللقاء الذي ننظمه اليوم يُعد فرصة يجب استثمارها للوقوف مجددا على الوضعية الحالية لعدالة الأطفال بالمغرب وتقييم السبل ودراسة الحلول التي يعتمدها مختلف الفاعلين في مجال حماية حقوق الأطفال في تماس مع القانون، وفرصة أيضا لتقاسم الممارسات الفضلى ودعوة الفاعلين الوطنيين لتعميمها في انسجام مع المعايير الدولية والقوانين الوطنية ذات الصلة.فالمعول على أشغال هذا اللقاء هو تفكيك كل المقتضيات القانونية الجديدة وتوضيح أهدافها وكيفيات تنفيذها في إطار مبادئ العدالة الصديقة الأطفال وهو خيار مشترك بين مكونات السلطة القضائية وبين المتدخلين المعنيين بتفعيل القانون الجديد.متمنيا لهذه الأشغال كامل التوفيق والسداد متيقنا بأن توصياته ستضيف لبنة أخرى لصرح العدالة الصديقة للأطفال ببلادنا استجابة لتوجيهات صاحب الجلالة والمهابة حفظه الله وأعز أمره.والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاتههشام البلاويالوكيل العام للملك لدى محكمة النقضرئيس النيابة العامة

عن Zwawi

شاهد أيضاً

حملة ميدانية مكثفة لمراقبة المطاعم بالحسيمة لحماية صحة المواطن والمستهلك

فكري ولدعلي  في إطار الجهود المتواصلة لضمان السلامة الصحية والغذائية بمدينة الحسيمة، تشن السلطات المحلية …

اترك تعليقاً