

” فكري ولد علي
احتضن المركب السوسيو-رياضي بالحسيمة، مساء الثلاثاء 19 غشت 2025، حفلا ثقافيا خصص لتقديم وتوقيع كتاب “ميموزا، سيرة ناج من القرن العشرين” للكاتب والشاعر صلاح الوديع، بتنظيم من مركز الدراسات القانونية والاجتماعية.
وشهد اللقاء حضور فعاليات فكرية وثقافية وإعلامية، افتتحه رئيس المركز الدكتور محمد بنيوسف بكلمة ترحيبية أبرز فيها دلالات هذه المحطة الثقافية، قبل أن يتم عرض شريط وثائقي مؤثر من إخراج حميد باسكيت بمساهمة غيثة الصالح، استعاد بعضاً من تفاصيل الرواية وما تحمله من شهادات ومعاناة إنسانية.
وقد أبان الشريط عن قوة البعد الإنساني الذي تحمله الرواية، من خلال استرجاع لحظات مؤلمة من ذاكرة الكاتب وعائلته في سنوات الرصاص، حيث الاعتقال والتعذيب والحرمان، وهو ما منح للأمسية طابعاً متميزاً جمع بين البعد الفني والبعد التوثيقي.
هذا المدخل البصري فتح الباب واسعاً أمام النقاشات الفكرية التي تلت، وأعد الجمهور لتلقي مداخلات تحليلية عميقة حول النص وأبعاده السياسية والرمزية.
في مداخلته، قدم الدكتور عثمان الزياني، أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الأول بوجدة، قراءة موسعة للرواية، معتبراً إياها شهادة حية وذاكرة مضادة لسنوات الرصاص، تتجاوز السيرة الذاتية لتشكل مورداً معرفياً لكتابة التاريخ. وأكد أن النص يكشف عن الآليات السلطوية التي ميّزت تلك المرحلة، كما يمنح صوتاً للمهمشين والضحايا، مشدداً على أن “ميموزا” تمثل نصاً رمزياً يتضمن ثنائيات دلالية كبرى مثل السلطة والمقاومة، السجن والحرية، الذاكرة والنسيان.
من جانبه، أوضح الكاتب صلاح الوديع أن الكتابة بالنسبة له ليست مجرد فعل إبداعي، بل مسؤولية ووفاء تجاه الأسرة والوطن، إلى جانب كونها متعة شخصية.
وأبرز أن روايته اعتمدت الموضوعية والدقة في تناول الأسماء والأحداث، بالاستناد إلى وثائق أرشيفية، مما يمنحها قيمة مرجعية للباحثين.
كما كشف أن اختيار عنوان “ميموزا” ارتبط بذكريات طفولته حين كان يعبر طريقاً مزداناً بأزهار الميموزا رفقة والدته، قبل أن يفقد هذه اللحظة بعد اعتقال والده في أوائل الستينيات.
واختتمت الأمسية بنقاش مفتوح مع الحاضرين الذين أثروا اللقاء بأسئلتهم وتدخلاتهم، مما أتاح للكاتب والمقدم تعميق رؤاهم حول العمل وما يثيره من قضايا الذاكرة والعدالة والكتابة الأدبية. وقد اختتم اللقاء بتوقيع صلاح الوديع نسخاً من روايته لفائدة الحضور، في أجواء فكرية واحتفالية جسدت أهمية الأدب والسيرة في حفظ الذاكرة الفردية والجماعية، وربط الماضي بالحاضر عبر لغة الأدب ورمزيته.