عبدالله مشنون
لعبة كرة القدم لا يمكن اختزالها أو تحميلها أكثر مما تطيق. وبالتالي لا علاقة لها:
⁃ باستحضار الانتصار على البرطقيز (البرتغال) كما حصل في مونديال 1986 بالمكسيك..!
⁃ ولا علاقة لها باستحضار فتح الأندلس من طرف طارق بن زياد؛
⁃ ولا علاقة لها باستحضار الجزر الجعفرية المحتلة؛
⁃ ولا علاقة باستحضار احتلال سبتة ومليلة؛
⁃ ولا علاقة لها باستحضار أمجاد الانتصار في معركتي؛ وادي المخازن والزلاقة؛
⁃ ولا علاقة لها بالسجود شكرًا لله بالملعب من طرف اللاعبين؛
⁃ ولا علاقة لها بالتقاط صورة مع شخصيات ومسؤولين كبار؛
⁃ ولا علاقة لها بالأجناس: العرب ولا الأمازيغ ولا المسلمين ولا المسيح ولا اليهود…؛
⁃ ولا علاقة لها باستحضار قضايا ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة؛
⁃ ولا علاقة لها بالحروب؛
هي مجرد فرجة ومتعة عابرة؛ في الزمان والمكان.
في “كسب القلوب؛ يقول الدكتور جاسم سلطان:( مفكر وداعية إسلامي من دولة قطر)
“كسب القلوب مقدم على كسب المواقف. فالمواقف تتبدل؛ ولكن القلوب المكسورة صعب جبرها.
فتحويل أي صراع من مستوى صراع نخب تحمل أجندات لمستوى عداء شعوب يحمل معه:
- قصور في النظر للإنسان كإنسان؛
- وقصور في النظر للمصلحة الذاتية؛
وبالتالي هو تفريط في المستقبل.
فالناس مختلفون داخل أي مجتمع طبيعي، والكثير منهم غير معنيين بالأجندات، والقليل المعني بعضه معك وبعضه ضدك.
وظيفة العاقل؛ هو كسب أكبر قدر من الشريحة الكبرى لصفه؛ لا تحويلها إلى عدو. فهذا تبرع للطرف الآخر غير مبرر.
والخلاصة؛ لا تدع العواطف تسيطر؛ إنما اختر مواقفك بعناية. فحتى القضايا العادلة؛ تحتاج إلى محامين بارعين.
وفي ملاحظات عابرة؛ خلص إلى تساؤل جوهري في؛ ماذا يمكن أن نستفيد من ظاهرة الود على مستوى الإنسان العادي، وتعقيدها عندما تتحمل بالأيديولوجيات والتنميط؟ ويرى أنه: “حين تنظر لهذا الخليط من كل دول العالم في قطر اليوم؛ وترى أجواء الود بين البشر العاديين؛ وترى الابتسامة؛ تتسائل من أين تترسخ الصور النمطية التي تصور كل مختلف على أنه تهديد يجب وقفه!؟
العالم بإنسانه العادي؛ لازال سويًا في أُلْفَتِهِ، وقابلية التواصل معه، ولازالت تأسره المشاعر الإنسانية؛ وقاسم والود.
القوى التي تحول العالم لمعارك وجحيم كثيرة. ولكن لازال عمق المجتمع البشري برئيًا، ونشهده في التصرفات العفوية للجمهور.”
وفي اتجاه آخر؛ فيما “بين تصورات الأفراد واحتياجات الدول؛ خلص إلى أن “نظرة الفرد الغاضب؛ ونظرة الدولة؛ على طرفي نقيض.
⁃ فالأول يبحث عن الصدام، متصورًا إمكانية الانتصار على العالم.
⁃ والدولة تعلم وضعها في عالمها وحدود الممكنات، وتعمل في داخلها.”
فالأفراد عمومًا؛ هُم أسرى المشاعر والأيديولوجيا. وهي خلطة حربية دون التفكير في موازين القوة أو المصلحة. وهنا البحث عن تكثير الخصوم، وتوسعة الشقوق. فالعالم ساحة بلونين أبيض وأسود.
الدول تنظر إلى تأمين وجودها، واستقرارها، ونموها. وهي في سبيل ذلك تتحالف مع الأصدقاء، وتضيق الشقة مع المختلفين، وتحيد من تستطيع من الخصوم.
الدول لا تنظر للحب والكره؛ ولكن تنظر لتوسعة المصالح، وبناء الجسور، والخطوط الظاهرة، والخفية مع أكثر الخصوم لمعرفة التقاطعات النافعة، والضارة منها.
فعند الأزمات يتحمس من يتحمس من الأفراد، معتقدًا أن القطائع نهائية؛ بينما تتغير مواقف الدول بين عشية وضحاها، وتنقلب الأدوار والتصريحات.
لا يحتاج الإنسان إلى عبقرية ليعرف طبيعة الدول والسياسة؛ ويمكن لرجل الشارع العادي الحكيم أن يتذكر ما مر به في حياته ليخبرك بحِكمة الدهر (انتظر وسترى)؛ ولكن صاحب الأيديولوجيا الكثيفة؛ لا يمتلك تلك الحِكمة فتراه متفاجئ على الدوام.
بناء الجسور؛ هو فن السياسة. أما الأيديولوجيا الكثيفة؛ فتمثل قطائع ونهايات باستمرار. فوظيفتها بناء الحصون، والقلاع، وقصف الجميع. لأنها التمثيل الوحيد للحقيقة.
أما ما هو أخطر من الأيديولوجيا الكثيفة؛ فهو الأيديولوجيا العامية حين يزود مُصَدِّري الأيديولوجيا جمهور عامِّي بمشاعر الغضب، ويقدموا لهم تفسيرًا للعالم، ثم يُحَوِّلوا الجموع إلى غوغاء تخبط خبط عشواء.”
*كاتب واعلامي من ايطاليا