المملكة المغربية
رئاسة النيابة العامة
ⵜⴰⴳⵍⴷⵉⵜ ⵏ ⵍⵎⵖⵔⵉⴱ
ⵜⴰⵏⵙⵙⵉⵅⴼⵜ ⵏ ⵜⵎⵓⵔⴰⵢⵜ ⵜⴰⵎⴰⵜⵢⵜ
كلمة السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض،
رئيس النيابة العامة
بمناسبة افتتاح السنة القضائية 2023
بتاريخ 06 فبراير 2023
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه أجمعين
السيد الرئيس ؛
السيدات والسادة رؤساء الغرف ؛
أصحاب المعالي والسعادة ؛
حضرات السيدات والسادة الحضور الأفاضل كل باسمه وصفته وما هو أهل له من تقدير واحترام وامتنان؛
إنه لشرف كبير أن نلتئم في هذه الجلسة الرسمية المباركة لافتتاح السنة القضائية 2023 والتي يأتي انعقادها تنفيذاً للأمر المولوي السامي لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية دام عزه ونصره، وهي التفاتة ملكية سامية تعكس العناية التي يوليها جلالته للسلطة القضائية ويشملها بكريم رعايته وعطفه حتى تسمو إلى مصاف طموحاته باعتبارها أحد مقومات دولة الحق والقانون وحصنا شامخا تصان به حقوق وحريات الأفراد و الجماعات.
كما يأتي انعقاد هذه الجلسة الرسمية في إطار تفعيل مقتضيات المادة 8 من القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي الصادر بتاريخ 14 يوليوز 2022 بشأن افتتاح السنة القضائية، والمنشور عدد 845 الصادر بتاريخ 17 ربيع الثاني 1399 الموافق لــ 16 مارس 1979 كما تم تحيينه بتاريخ 11 محرم 1432 (17 دجنبر 2010)، هذه الجلسة التي أضحت تقليداً سنويا راسخا و محطة متجددة يلتقي فيها ماضي القضاء المغربي بحاضره مستشرفا مستقبلا زاهرا يعلو بنيانه بسواعد قضاة يعتزون بمغربيتهم ويتقلدون في ممارسة مهامهم شرف خدمة وطنهم بكل تفان وإخلاص.
ولا يغيب عن كل ضمير حي أن للقضاء نساء و رجالا استماتوا في حماية استقلاليتهم وجسدوا عبر ذلك استقلال القضاء ممارسة وأحكاما، فأبلوا البلاء الحسن وقدموا عظيم التضحيات في نكران للذات، واعين بمسؤولياتهم في مواجهة كل من يحاول المساس أو التشويش على هذه الاستقلالية، وهي مناسبة أيضا لتقديم أسمى عبارات الاعتراف والامتنان لكل من يدعم مسيرة ومحطات إصلاح منظومة العدالة واستقلال القضاء، سواء من شرفنا منهم بالحضور لهذه الجلسة الرسمية أو من نلتمس له العذر لعدم تمكنه من ذلك، دون أن ننسى أولئك الذين التحقوا بربهم سائلين الله تعالى أن يجزيهم خير الجزاء وأن يتغمدهم بواسع رحمته وغفرانه.
وإذا كانت هذه الجلسة الرسمية تعد فرصة طيبة ومتميزة لإلتئام مختلف مكونات السلطة القضائية، فإنها في نفس الوقت تشكل لحظة سنوية يتطلع فيها قضاة المملكة إلى معرفة حصيلة ما بذلوه من جهود مضنية تحملها كل واحد منهم بعزيمة وأمانة طيلة السنة القضائية الفارطة. كما تعد أيضا مناسبة لمد جسور الحوار والتواصل مع مختلف الفاعلين في منظومة العدالة كل من موقعه مستحضرين في ذلك مضمون الخطاب المولوي السامي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب بتاريخ 20 غشت 2009 والذي اعتبر فيه جلالته ورش إصلاح القضاء ورشا يتطلب تعبئة شاملة، حيث قال جلالته:
(إن الأمر يتعلق بورش شاق وطويل، يتطلب تعبئة شاملة، لا تقتصر على أسرة القضاء والعدالة، وإنما تشمل كافة المؤسسات والفعاليات، بل وكل المواطنين.
وإننا لنعتبر الإصلاح الجوهري للقضاء، حجر الزاوية في ترسيخ الديمقراطية والمواطنة لدى شبابنا وأجيالنا الحاضرة والصاعدة.). انتهى النطق الملكي السامي.
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة رؤساء الغرف والأقسام والمستشارين ؛
حضرات السيدات والسادة الحضور الأفاضل؛
تنعقد هذه الجلسة الرسمية في ظل سياق تطبعه مجموعة من المستجدات التي يعرفها المشهد القضائي ببلادنا من أبرزها دخول القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي حيز التنفيذ في بداية هذه السنة بما يحمله من تعديلات جوهرية سواء على مستوى بنية المحاكم وهيكلتها، أوعلى مستوى تنظيمها الداخلي و توزيع اختصاصاتها، بالإضافة إلى التعديلات المهمة التي ستهم القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة اللذين تمت المصادقة عليهما من طرف مجلسي البرلمان، هذه التعديلا التي تروم تمكين المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أداء مهامه الدستورية على الوجه المطلوب وبمستوى أفضل.
وإذا كانت منظومة العدالة اليوم تعرف على غرار باقي مرافق الدولة عودة طبيعية للحياة بعد تراجع جائحة كوفيد 19، فإن هذا الأمر قد انعكس بشكل إيجابي على مؤشرات تقييم الأداء لعمل قضاة النيابة العامة لدى محكمة النقض ومحاكم الموضوع.
وفي هذا الإطار سجلت محكمة النقض خلال سنة 2022 ما مجموعه 52676 قضية، مقابل 48919 قضية سنة 2021، أي بزيادة تقدر بـ 7.13 %. كما بلغ عدد القضايا المحكومة خلال سنة 2022 ما مجموعه 48423 قضية، وهو رقم لم يسبق لمحكمة النقض أن سجلته من قبل، مما يعكس المجهود الاستثنائي الذي بذله قضاتها خلال سنة 2022.
وفي الشق الجنائي سجلت الغرفة الجنائية بمحكمة النقض خلال سنة 2022 ما مجموعه 29521 قضية ينضاف لها المخلف عن سنة 2021،(15830 قضية) ليصبح مجموع الرائج هو 45351 قضية صدر فيها 27933 قراراً، في حين بقي مخلفا عن سنة 2022 ما مجموعه 17418 قضية. علماً أن القضايا الجنائية تشكل نسبة مهمة من المجموع العام للقضايا حيث تمثل نسبة 56 %.
ورغم تحقيق معدلات عالية من القضايا المحكومة، فقد بلغ عدد المحكوم منها في الشكل سواء بعدم قبول الطعن أو سقوط الحق فيه 12485 قراراً، أي بنسبة 26 %، وهي تقارب النسبة المسجلة خلال سنة 2021 والتي بلغت 24 % من مجموع القضايا المعروضة على أنظار محكمة النقض، فيما صدر 23116 قرارا برفض طلب النقض وهو ما يشكل نسبة 47 % من مجموع القضايا التي تم الفصل في موضوعها مقابل 11254 قضية صدرت فيها قرارات بالنقض، وهذا ما يفسر أن نسبة جدية الطعون بالنقض لا تتجاوز 23 %.
هذه الحصيلة تدعونا إلى التفكير في إيجاد صيغ مبتكرة لتعزيز قدرات الجهات المكلفة بتحرير مقالات ومذكرات الطعن بما يتناسب وطبيعة عمل محكمة النقض ويمكن من دعم الجهود المبذولة لتحقيق النجاعة المطلوبة عبر تجاوز ما يشوب عرائض النقض من اخلالات متكررة يتم تسجيلها كل سنة.
لأجل ذلك فإننا عازمون على مواصلة تنظيم دورات تكوينية لفائدة قضاة النيابة العامة المعنيين في مجال تقنيات وأساليب تحرير مذكرات الطعن بالنقض تفاديا للإخلالات الشكلية التي يترتب عنها عدم قبول هذه الطعون أو سقوط الحق فيه، وجعلها معيارا لتقييم الأداء العام لنشاطهم، وهي الدورات التي انطلقت منذ سنة 2019 واستفاد منها حتى الآن 189 قاضيا للنيابة العامة في أفق أن يستفيد منها باقي زملائهم.
وبنفس القدر الذي نوليه لتكوين قضاة النيابة العامة في هذا المجال ، فإننا ندعو هيئة الدفاع إلى تسطير برامج للتكوين المستمر لفائدة السادة المحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض في ذات الاتجاه.
ومن أجل تمكين قضاة محكمة النقض من التفرغ للقضايا المهمة بهدف البت في أكبر عدد منها داخل أجل معقول وبجودة أمثل، فإننا نعيد التأكيد على ضرورة التدخل تشريعياً لترشيد ممارسة الطعن بالنقض وذلك عبر إقرار شروط تحدد قيمة الحق القابل لهذا النوع من الطعون مع قصره على القضايا المهمة، وفقاً لما دعت إليه المعايير الدولية الصادرة في هذا الشأن بخصوص تدبير الزمن القضائي عن اللجنة الأوربية لنجاعة العدالة بتاريخ 12 دجنبر 2014، والتي دعت إلى حصر الطعون أمام الهيئات القضائية العليا
في القضايا التي تستحق اههتماماً خاصاً.
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة رؤساء الغرف والأقسام والمستشارين ؛
حضرات السيدات والسادة الحضور الأفاضل؛
إذا كانت المهمة الأساسية لمحكمة النقض تتمثل في ضمان التطبيق السليم والعادل للقانون وتوحيد الاجتهاد القضائي الذي ينير درب محاكم الموضوع، فإن الأمر لا يقتصر على هذا الجانب فقط وإنما يمتد ايضا إلى ضمان حرية الأشخاص وخاصة المعتقلين منهم. وفي هذا السياق بلغ عدد القرارات الصادرة في الطعون الخاصة بالمعتقلين 5661 قضية، وبقي متخلفا نهاية السنة 2075 قضية ستنضاف إلى القضايا الجديدة خلال هذه السنة وهو ما يتطلب مضاعفة الجهود لتصفيتها.
ومواكبة من قضاة النيابة العامة لتدبير القضايا الرائجة بالمحكمة خلال سنة 2022 فقد قدموا مستتجات كتابية في مجموع القضايا المحكومة البالغ عددها 48423 ،وذلك بمعدل سنوي يقدر بـ 931 مذكرة لكل محام عام، علماً أن عدد القضايا المسجلة في ارتفاع سنة بعد أخرى، إذ من المفترض أن تعرف هذه السنة تسجيل أعداد كبيرة من القضايا على غرار السنة الماضية، سينضاف إليها المخلف من سنة 2022 والبالغ 49874 قضية، الشيء الذي يتطلب الزيادة في عدد المحامين العامين ضمانا للرفع من جودة العمل وتعزيز فعالية حضور النيابة العامة ، لاسيما إذا أخذنا بعين الاعتبار إحالة عدد منهم على التقاعد نهاية سنة 2022 (05)، (كما سيتم إحالة (03) آخرين على التقاعد) وخلال النصف الأول من سنة 2023.
وإذا كانت لغة الأرقام تعد مؤشرا مهما لتقييم حجم نشاط النيابة العامة لدى محكمة النقض، فإنني أود بهذه المناسبة أن أنوه بالمجهودات الجبارة التي بذلها قضاتها وأطرها خلال سنة 2022 انسجاما مع الأدوار الدستورية الموكولة لهم بشأن صون حماية الحقوق والحريات، والسهر على الاسهام في توحيد الاجتهاد القضائي. حيث تكريسا لهذا الاتجاه أصدرت النيابة العامة لدى محكمة النقض العدد الأول من نشرتها في المادة الجنائية، ويحتوي على أهم خلاصات ورشات العمل التكوينية التي نظمتها خلال سنتي 2021 و 2022 في إطار مبادرتها الرامية إلى الإسهام في تعزيز الكفاءات المهنية لقضاتها بهدف التمكن من التعاطي مع مختلف الإشكالات القانونية التي تثار أمام محكمة النقض ونشر أهم القرارات الصادرة في هذا الشأن.
وإذا كان المشرع قد أوكل للنيابة العامة لدى محكمة النقض اختصاصات حصرية في بعض القضايا، فقد أظهر قضاتها من خلال تدبيرها حسا عاليا بالمسؤولية واليقظة، وهو ما نستحضره بهذه المناسبة عبر بسط بعض الأرقام الدالة على ما تم بذله في هذا الإطار من مجهودات وذلك على نحو ما يلي:
بالنسبة للمساطر المرتبطة بالإحالة من أجل حسن سير العدالة:
تشمل طلبات الإحالة من أجل التشكك المشروع، المنصوص عليها في المادتين 270 و271 من قانون المسطرة الجنائية والطلبات المتعلقة بالإحالة من أجل حسن سير العدالة المنصوص عليها في المادة 272 من نفس القانون، وطلبات الإلغاء المنصوص عليها في الفصلين 381 و382 من قانون المسطرة المدنية، حيث سجلت 26 قضية في هذا الإطار خلال سنة 2022 : منها 20 قضية مرتبطة بالإحالة من أجل التشكك المشروع، و05 قضايا متعلقة بطلبات الإلغاء، وقضية واحدة تهم الإحالة من أجل حسن سير العدالة، حيث تم اتخاذ ما يلزم من إجراءات بشأنها.
بالنسبة للطعن بالنقض لفائدة القانون: سجل في هذا الإطار ما مجموعه 26 طلبا سنة 2022، مقابل 07 طلبات سنة 2021. وقد اتخذت الإجراءات المناسبة بشأنها كلها حيث أحيل 03 منها على الغرفة الجنائية بملتمس من النيابة العامة، بينما أحيل طلب واحد على رئاسة النيابة العامة في حين تم حفظ 22 طلباً.
بالنسبة لطلبات إعادة النظر في القرارات الصادرة عن محكمة النقض:
ساهمت النيابة العامة لدى محكمة النقض بدور مهم في هذا المجال، إذ عملت على رفع ما مجموعه 47 طلبا إلى الغرفة الجنائية سنة 2022، مقابل 46 طلبا برسم سنة 2021. وقد توزع موضوع الطلبات المذكورة بين طلبات تصحيح بعض الأخطاء التي تسربت إلى القرارات وكانت مؤثرة فيها، وطلبات أسست على الحالتين الثالثة والرابعة من المادة 563 من قانون المسطرة الجنائية المتعلقة بإغفال البت في طلبات معروضة بمقتضى وسائل استدل بها، أو في حالة عدم تعليل القرار، حيث بتت محكمة النقض في ما مجموعه 34 طلبا وفق ملتمسات النيابة العامة، بينما ما يزال الباقي في طور الإجراءات.
بالنسبة لطلبات المراجعة: سجل خلال السنة 78 طلبا، تم اتخاذ القرار المناسب بشأنها، حيث توزعت هذه القرارات بين الحفظ الذي هم 60 طلباً منها لعدم توافر الشروط القانونية المنصوص عليها في المادة 566 من قانون المسطرة الجنائية ولا يزال طلبان في طور الإجراءات والباقي أحيل على الجهة القضائية المختصة.
بالنسبة لطلبات التسليم: يشكل هذا النوع من القضايا أهمية متميزة على مستوى تدبير إجراءات التعاون القضائي الدولي في المجال الجنائي، حيث سجل النيابة خلال سنة 2022 ما مجموعه 74 طلبا مقابل 49 طلبا خلال سنة 2021 أي بنسبة زيادة بلغت 51 %. وقد بتت الغرفة الجنائية بمحكمة النقض في 67 طلبا، 30 أبدت فيهم الرأي بالموافقة و 6 طلبات أبدت بشأنها الرأي بعدم الموافقة، في حين تم الإشهاد على قبول 24 طلباً للتسليم، فيما قضت الغرفة الجنائية بالإفراج في 06 طلبات، وبخصوص عدول السلطات الطالبة عن طلبات التسليم فقد همَّ طلباً واحداً ولا تزال 07 طلبات في طور الإجراءات.
بخصوص طلبات المساعدة القضائية: سجل بالنيابة العامة لدى محكمة النقض خلال سنة 2022 بما مجموعه 138 طلبا، تم اتخاذ القرار القانوني المناسب بشأنها، حيث أصدر بخصوصها مكتب المساعدة القضائية 126 قرارا منها 69 قرارا بقبول طلب المساعدة، و57 قرارا بالرفض ، وما زال 12 طلبا في طور الإجراءات.
وعلى مستوى الشكايات التي توصلت بها النيابة العامة لدى محكمة النقض:
تظهر المعطيات الإحصائية المسجلة سنة 2022 نشاطا ملحوظا لشعبة الشكايات بما مجموعه 1409 شكاية حظيت كلها بالدراسة اللازمة واتخذ بشأنها الإجراء القانوني المناسب، حيث تتوزع بين 334 شكاية تقدم بها معتقلون و 154 شكاية قدمت ضد مساعدي القضاء و 69 شكاية من قبل أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، في حين بلغ عدد الشكايات الموجهة ضد أشخاص آخرين ما مجموعه 852 شكاية،
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة رؤساء الغرف والأقسام والمستشارين ؛
حضرات السيدات والسادة الحضور الأفاضل؛
إن استشرافنا للمستقبل إنما هو استشراف لعدالة تسمو إلى المكانة التي ما فتئ جلالة الملك محمد السادس نصره الله يعبر عنها في مختلف المناسبات، ولكي نكون عند حسن ظن جلالته، فإننا نطمح إلى مضاعفة الجهود المبذولة من قبل مختلف الفاعلين في قطاع العدالة من أجل الرفع من أدائها وإذكاء منسوب الثقة لدى المواطن تحقيقا لشعار “القضاء في خدمة المواطن” وربط المسؤولية بالمحاسبة، وبهذه المناسبة فإننا بالقدر الذي نعرب فيه عن كبير الاعتزاز بقضاة وأطر كتابة النيابة العامة لدى محكمة النقض على ما بذلوه من مجهودات جبارة ستظل راسخة في سجل تاريخهم القضائي، بالقدر نفسه ندعوهم إلى مواصلة المسير بنفس الحماس من أجل مضاعفة الجهود وبذل المزيد من العطاء والتفاني في خدمة العدالة بكل تضحية ونكران الذات لتحقيق نتائج أفضل خلال السنة القضائية 2023، وذات الاعتزاز أيضا نعرب عنه لكافة السادة رؤساء الغرف والأقسام والمستشارين وأطر كتابة الضبط برئاسة المحكمة على كل المجهودات التي يبذلونها في تصفية القضايا والحلول الاجتهادية المبتكرة لمجموعة من الإشكاليات القانونية إسهاماً منهم في توضيح وتفسير بعض النصوص القانونية المستشكلة وتوحيد العمل القضائي.
وبنفس الحماس والتضحية التي ميزت نشاط قضاة النيابة العامة لدى محكمة النقض خلال السنة القضائية المنصرمة، واصل زملاؤهم بمحاكم الموضوع جهودهم الرامية إلى الرفع من منسوب النجاعة القضائية وتحسين مؤشرات الأداء، وهو ما تعكسه الأرقام المسجلة في هذا الصدد.
فعلى مستوى تدبير الشكايات، راج أمام النيابات العامة لدى محاكم المملكة سنة 2022 ما مجموعه 670251 شكاية، توزعت بين 639191 شكاية أمام المحاكم الابتدائية و31060 شكاية أمام محاكم الاستئناف، حيث تمت معالجة حوالي 547430 شكاية، توزعت بين 521856 شكاية من قبل قضاة النيابات العامة لدى المحاكم الابتدائية، و25574 شكاية منجزة من قبل قضاة النيابات العامة لدى محاكم الاستئناف.
ومما يلاحظ في هذا الخصوص هو أن عدد الشكايات في ارتفاع متزايد من سنة إلى أخرى، وهو ما يظهر من خلال عدد الشكايات الرائجة سنة 2022 والمحدد في 670251 مقارنة بعدد الشكايات الرائجة سنة 2021 والذي لم يتعد 522.883 شكاية بما يشكل زيادة تقدر بحوالي 28.19%.
وبنفس القدر من الجهود وتظافرها مع تلك المبذولة من قبل الجهات المكلفة بإنفاذ القانون ممثلة في الشرطة القضائية بجميع أصنافها ومختلف انتماءاتها، فقد تمت تصفية ما مجموعه 2.834.103 محضرا من أصل 3.022.937 محضرا رائجا على المستوى الوطني، في حين بقي ما مجموعه 188834محضرا في طور الإجراءات، حيث بغلت نسبة التصفية حوالي 93.76% وهو ما يشكل تطورا كبيرا على مستوى الأداء بالمقارنة مع سنة 2021 والتي لم تتجاوز فيها نسبة التصفية 87%.
فعلى مستوى المحاكم الابتدائية تمت تصفية 2.760.459 محضرا من أصل 2.942.965 محضرا رائجا وهو ما يشكل نسبة إنجاز قاربت 94%، في حين بقي من المخلف 182506محضرا.
أما على مستوى محاكم الاستئناف فقد بلغ عدد المحاضر الرائجة 79972 محضرا تمت تصفية.73644 محضرا منها، أما المخلف فيقدر بحوالي 6328 محضرا، حيث بلغت نسبة الإنجاز 92% من مجموع المحاضر الرائجة.
وبالنسبة لتدبير وضعية الأشخاص المقدمين أمام النيابات العامة، فقد عرفت سنة 2022 تقديم ما مجموعه 645235 شخصا، موزعين بين 623267 مقدما راشدا أي بنسبة 96.60% من مجموع المقدمين، بينما بلغ عدد المقدمين من الأحداث 21968ما يشكل نسبة 3.40%. في حين بلغ عدد الإناث المقدمات ما مجموعه 44916 أي بنسبة %6 ,96 من مجموع المقدمين.
وفي إطار الدور المنوط بها في مجال حماية الحقوق والحريات، عملت النيابات العامة على القيام بزيارات تفقدية للأشخاص الموقوفين بالأماكن المخصصة للحراسة النظرية حيث بلغ عددها سنة 2022 ما مجموعه 22726 زيارة علما أن عدد الزيارات المفترض قانونا القيام بها هو 19056 زيارة، مما يتضح معه أن عدد الزيارات الفعلية فاقت نسبة 119% .
كما قام قضاة النيابة العامة سنة 2022 ب 194 زيارة لمستشفيات الأمراض العقلية مقابل 144 زيارة خلال سنة 2021، أي بنسبة فاقت 150%. كما قامت النيابات العامة ب1031 زيارة للمؤسسات السجنية سنة 2022،مقابل 755 زيارة خلال سنة 2021، بنسبة ارتفاع تقدر بـ 36%.
وعلى صعيد آخر واصلت النيابات العامة بمواكبة من رئاستها جهودها الرامية إلى ترشيد الاعتقال الاحتياطي تفعيلا منهم لمخرجات الدورات التكوينية التي استفادوا منها من خلال العديد من الدوريات و الدورات التكوينية لفائدة قضاتها، وقد بلغ عدد المعتقلين احتياطيا عند نهاية شهر دجنبر 2022 ما مجموعه 39708 شخصا من مجموع الساكنة السجنية البالغ عددها 97204، وهو ما يجعل نسبة الاعتقال الاحتياطي تشكل عند نهاية شــهر دجنبر 2022 حوالي 40 ,85 % مقابل نسبة 46 % التي تم تسجيلها خلال نفس الشهر من سنة 2021. غير أنه ومع كل الجهود المبذولة المتظافرة من قبل السادة قضاة الحكم الموكول إليهم البت في قضايا المعتقلين يظل الموضوع في حاجة إلى تدخل تشريعي لإقرار آليات بديلة للاعتقال الاحتياطي تسمح بإمكانية خفضه إلى مستويات أدنى.
وعلى مستوى تعزيز الحماية لبعض الفئات الهشة:حرصت النيابات العامة على تنفيذ الاستراتيجية المعتمدة في الشق المتصل بتعزيز الحماية القضائية لهذه الفئات، حيث تم خلال سنة 2022 تفعيل الإجراءات القانونية المناسبة في ما يناهز 75240 شكاية تتعلق بالعنف ضد النساء، ترتب عنها فتح 25195 قضية توبع في إطارها 29698 شخصاً.
ولقد حرصت النيابات العامة في إطار مواكبتها لهذه القضايا على تجسيد مقتضيات القانون رقم 103.13 المتعلق بمكافحة العنف ضد النساء، وذلك عبر إقرار التدابير الحمائية المتعلقة بالضحايا ودعمهن من طرف مختلف خلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف المتواجدة بمحاكم المملكة.
كما عرفت سنة 2022 تسجيل 87 قضية تتعلق بالاتجار بالبشر، طبقت بشأنها تدابير حماية الضحايا الواردة في القانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر. خصوصا في الشق المتعلق بحماية الضحايا الذين استفادوا من مختلف التدابير الحمائية الواردة في هذا القانون.
ومن أجل تعزيز الحماية القانونية والقضائية للنساء والفتيات انخرطت النيابات العامة في تنفيذ جملة من التدابير والإجراءات الرامية إلى إنجاح الاستراتيجيات والإلتزامات الوطنية الواردة في هذا المجال، سيما تلك المضمنة بإعلان مراكش الذي تم إطلاقه تحت الرئاسة الفعلية لصاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة لالة مريم يوم 8 مارس 2020، وما ترتب عنه من توقيع للبروتوكول الترابي للتكفل بالنساء ضحايا العنف مع كل من وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة ، ووزارة الصحة من أجل تجويد الخدمات المقدمة للنساء ضحايا العنف من قبل كافة المتدخلين ومراعاة حاجياتهن وخصوصية أوضاعهن الاجتماعية.
وفي ذات السياق وتفعيلا للاتفاقية المبرمة بين رئاسة النيابة العامة ووزارة التربية الوطنية بشأن الحد من الهدر المدرسي من أجل الوقاية من زواج القاصر، وتتويجاً للمجهودات المبذولة في هذا الإطار مع كافة الشركاء والمتدخلين تم بشراكة مع مجلس أوروبا واليونسيف UNICEF واليونيفام UNI FEMMES تنظيم دورات تكوينية ولقاءات تحسيسية وطنية وجهوية جمعت قضاة النيابات العامة والقضاة المكلفين بالزواج وممثلين عن وزارة التربية الوطنية وباقي الشركاء حول الموضوع، مما ساهم في تقليص عدد الأذونات بزواج القاصرات حيث تم التمكن منذ انطلاق هذه العملية سنة 2021 من إعادة عدد كبير من الفتيات المنقطعات عن الدراسة بدافع الزواج بلغ عددهن على المستوى الوطني نهاية سنة 2022 36383، وخلال سنة 2022 لوحدها 16383 فتاة، فيما بلغ العدد الإجمالي للفتيان 48742 وخلال سنة 2022 بلغ العدد 29742 . وهي كلها مجهودات تندرج ضمن تنزيل التوجيهات المولوية السامية لصاحب الجلالة بشأن حماية النساء والطفولة من مختلف أشكال الاستغلال والانحراف.
وفي نفس السياق عرفت سنة 2022 تسجيل حوالي 20097 طلباً للحصول على الإذن بزواج القاصر، تم رفض 6445 طلباً منها، بينما تمت الاستجابة لما مجموعه 13652طلباً.
وإذا كان النص القانوني قد خول للقاضي إمكانية البت في الطلب المتعلق بالإذن الخاص بزواج القاصر إما بناء على خبرة طبية أو بحث اجتماعي، فإن النيابات العامة دأبت على تقديم ملتمسات تروم المطالبة بتفعيل الإجراءين المذكورين معاً حيث بلغ عدد هذه الملتمسات 7288 ملتمساً. بالإضافة إلى ملتمساتها الرامية إلى رفض طلبات الإذن بزواج القاصر كلما اقتضت المصلحة الفضلى للطفل ذلك والتي بلغت ما مجموعه 16166 ملتمساً برفض الإذن بزواج القاصر.
وعلى مستوى حماية النظام العام الاقتصادي:
عملت النيابات العامة لدى المحاكم التجارية على تفعيل دورها في المجال الاقتصادي خلال سنة 2022 بالانخراط في اتخاذ مجموعة من المبادرات لحماية النظام العام الاقتصادي ومساعدة المقاولات المتعثرة، إذ تقدمت بما مجموعه 140 طلبا تتعلق كلها بمساطر صعوبات المقاولة، منها 11 طلبا يهدف إلى الحكم بفتح مسطرة التسوية في حق الشركات التي تعاني من صعوبات مالية أو اقتصادية أو اجتماعية.
كما تقدمت بما مجموعه 17 طلبا من أجل تطبيق العقوبات المدنية من قبيل تحميل خصوم المقاولة أو سقوط الأهلية التجارية في حق المسيرين الذين ارتكبوا أخطاء في التسيير أثرت بشكل سلبي على وضعية المقاولة.
بالإضافة إلى تقديمها لما يقارب 1425 ملتمسا كتابيا يتعلق بمختلف مراحل مساطر صعوبات المقاولة، وإحالة 04 تقارير تتعلق بارتكاب المسيرين لجرائم التفالس أو إحدى الجرائم الأخرى المعاقب عليها بموجب مدونة التجارة على النيابات العامة المختصة لتحريك المتابعات الجنائية بشأنها.
وعلى مستوى تعزيز التكوين المستمر وتطوير القدرات: فإنه سعياً للرفع من مستوى أداء قضاة النيابة العامة وتجويد آليات عملهم، تم اعتماد برنامج للتكوين من قبل رئاستهم خلال سنة 2022، استفاد منه 2486 مشاركا يمثلون قضاة النيابة العامة وقضاة الحكم وضباط الشرطة القضائية، بالإضافة إلى بعض الأطر من إدارات أخرى، من بينها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.
وقد انصبت هذه الدورات التكوينية على عدة مواضيع همت الجريمة المعلوماتية، غسل الأموال، الأمن الصحي، المنافسة، جرائم البورصة، مدونة السير، الاتجار بالبشر… .
وفي إطار الرفع من قدرات قضاة النيابة العامة في مجال حقوق الإنسان تم تنظيم دورات تكوينية بتنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية وبتعاون مع مجلس أوروبا استهدفت تعزيز إلمامهم بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان المنبثقة عن الاتفاقيات الأساسية التي صادقت عليها بلادنا.
وفي إطار مواصلة برامج التكوين في هذا المجال نعتزم بتنسيق مع السيد الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية إطلاق الجزء الثاني من هذا البرنامج بتنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية لفائدة السادة القضاة رئاسة ونيابة عامة ومسؤولين قضائيين.
وعلى مستوى تخليق الحياة العامة وحماية المال العام: واصلت النيابة العامة الإنخراط في الجهود الوطنية لمكافحة الفساد وتخليق الحياة العامة عبر إحداث إطار مؤسساتي للتعاون والتنسيق بين رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية والمجلس الأعلى للحسابات من خلال إبرام إتفاقية تعاون وشراكة غايتها الأساسية تكثيف الجهود لمواجهة مختلف مظاهر الفساد وحماية المال العام وتوحيد الاجتهاد في كل ما يمكن أن يعزز الحكامة في هذا الإطار.
كما تمت مواصلة اعتماد آلية الخط المباشر للتواصل مع المواطنين بخصوص إبلاغ النيابة العامة عبر رئاستها بكل ما يرتبط بجرائم الفساد، وفي هذا السياق مكن اعتماد هذا الخط خلال سنة 2022 من ضبط 38 مشتبه فيه في حالة تلبس بالرشوة، ليبلغ العدد الإجمالي للأشخاص الذين تم ضبطهم منذ انطلاق العمل به في شهر ماي 2018 وإلى غاية شهر دجنبر من سنة 2022 مامجموعه 243 شخصا.
كما توصلت النيابات العامة المختصة خلال سنة 2022 بـستة (6) تقارير من المجلس الأعلى للحسابات فتحت بشأنها الأبحاث اللازمة، وسيتم ترتيب ما يجب قانونا على ضوء ذلك، وللإشارة فقد بلغ مجموع التقارير المحالة على النيابات العامة المختصة إلى غاية الآن والواردة من المجلس الأعلى للحسابات ما مجموعه 158 تقريرا اتخذت بشأنها الإجراءات القانونية اللازمة.
وبالإضافة إلى ذلك قامت النيابات العامة المختصة بفتح أبحاث قضائية في قضايا الاختلاس والرشوة أفضت إلى تحريك المتابعة في 88 قضية، وذلك بناء على تقارير تم التوصل بها من طرف بعض المفتشيات المركزية بالوزارات أو من طرف بعض القطاعات الحكومية أو بناء على شكايات أو بلاغات تم التوصل بها في هذا الإطار.
وعلى مستوى مكافحة غسل الأموال عرف هذا النوع من القضايا ارتفاعا ملحوظاً خلال سنة 2022، حيث وصل عدد إحالات النيابة العامة بشأن شبهة غسل الأموال خلال سنة 2022 (922) إحالة، مقابل (393) إحالة سنة 2021 أي بنسبة ارتفاع ناهزت حوالي 234 %.
ولمواكبة المستجدات التي جاء بها القانون رقم 12.18 المعدل للقانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، تم بتنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية تنظيم دورة تكوينية لفائدة قضاة النيابة العامة والقضاة الموكول إليهم النظر في هذه القضايا، وفي ذات السياق تم إبرام اتفاقية شراكة بين رئاسة النيابة العامة وكل من بنك المغرب والهيئة الوطنية لمعالجة المعلومات المالية بهدف تعزيز التنسيق المشترك في مجال الوقاية ومكافحة هذا النوع من الجرائم.
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة رؤساء الغرف والأقسام والمستشارين ؛
حضرات السيدات والسادة الحضور الأفاضل؛
إن استعراض النشاط السنوي للنيابة العامة لدى محكمة النقض والنيابات العامة لدى مختلف محاكم المملكة، يعد مناسبة لرصد الحصيلة و الواقع من أجل استشراف المستقبل ورسم معالم الخطوات المستقبلية التي نعتزم السير على هداها في القريب المنظور.
وفي هذا الإطار فإن العزم قائم على مواصلة دعم وتكريس استقلال السلطة القضائية بتعاون وتكامل مع السيد الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبإشراك فعلي للسادة المسؤولين القضائيين بمحاكم المملكة وكل من قد يكون له دور في ذلك من منتسبي العدالة.
فعلى مستوى تدبير عمل النيابات العامة، سنواصل اتخاذ المزيد من الإجراءات من أجل:
- مواكبة وتقييم تنزيل المسؤولين القضائيين بالنيابات العامة لبرامج عملهم السنوية وفق مقاربة قائمة على اعتماد مؤشرات قابلة للقياس لتحقيق نجاعة الأداء.
- الرفع من النجاعة القضائية في تدبير الأبحاث القضائية عبر تكريس احترام الآجال الافتراضية لتدبير الشكايات والمحاضر، والعمل على تصفية المتخلف الذي تتجاوز مدة إنجازه الآجال المفترضة .
- دعم قدرات قضاة النيابات العامة في مجال تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، سواء على مستوى تدبير الأبحاث القضائية أو على مستوى ممارسة الدعوى العمومية ومواكبة سيرها وإجراءاتها.
- مواصلة العمل في مجال تخليق الحياة العامة، وذلك بتسطير برامج للتكوين المستمر لقضاة النيابة العامة وباقي الشركاء في مجال التحقيقات الجنائية وتحريك المتابعات بشأن الجرائم الماسة بالمال العام والفساد.
- تجويد أداء قضاة النيابة العامة خاصة على مستوى دراسة المحاضر وضبط التكييف القانوني للمتابعات، وكذا تحرير الملتمسات والمستنتجات وعرائض الطعن.
- مواصلة مواكبة عمل الشرطة القضائية وتطوير وتعزيز آليات التفاعل معها بخصوص الأبحاث القضائية وإيجاد الحلول المناسبة لكل ما يعترضها من صعوبات في أداء مهامها.
- مد جسور التواصل والتنسيق مع السادة المسؤولين القضائيين والسادة النقباء ومنتسبي المهن القانونية من أجل تجاوز الصعوبات التي تعترض السير العادي للعدالة وإيجاد الحلول الآنية لها.
- تعزيز الشراكات و التعاون لضمان الحماية القانونية والقضائية للفئات الهشة؛
-مواصلة وتقوية سياسة الانفتاح التي تنهجها النيابة العامة مع الرأي العام وفعاليات المجتمع المدني، و تعزيز التواصل الرقمي مع مختلف الفاعلين في قطاع العدالة. - تعزيز الولوج إلى العدالة، وفي هذا الإطار تعتزم رئاسة العامة دعم قضاة النيابة العامة من خلال إصدار المزيد من الدلائل الاسترشادية لفائدة مرتفقي العدالة وأيضا دلائل عملية لتوحيد عمل قضاة النيابة العامة لدى المحاكم من قبيل دليل المتابعات ودليل الحماية المدنية والأسرية للطفل، بعد أن أصدرت في هذه السنة دليلا عمليا حول تقنيات إجراء البحث والتحقيق في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب و دليلا حول خطة العمل المندمجة للحد من زواج القاصر.
وأملا في تحقيق هذه الأهداف فإن حجم الانتظارات التي تقع على عاتق النيابة العامة تتطلب تعزيزها بالموارد البشرية اللازمة، على اعتبار أن معدل الإجراءات السنوية لكل قاض من قضاتها يبلغ حوالي 7600 إجراء، كما يبلغ معدل قضاة النيابة العامة بالمملكة ثلاثة قضاة فقط بالنسبة لكل 100,000 نسمة ، وهو معدل ضعيف مقارنة ببعض المعدلات الأوروبية التي تتجاوز 11 قاضيا لكل 100,000نسمة مما يتطلب إضافة موارد جديدة لصفوف قضاة النيابة العامة بالمحاكم تقدر آنيا بحوالي 1000 قاضية وقاض.
وانخراطا في الجهود التي تبذلها بلادنا لتكون في مستوى الرهانات والتحديات التي يتطلبها تنزيل النموذج التنموي الجديد، فإننا سنحرص على أن تكون النيابات العامة دعامة أساسية لحماية النظام العام الاقتصادي وتحقيق الأمن القضائي للفاعلين الاقتصاديين والمساهمة في تحسين مناخ الأعمال، بما يتماشى مع التوجيهات الملكية السامية في هذا الخصوص بشأن خلق الوسائل الكفيلة بتشجيع الاستثمار وترسيخ أسس الإنعاش الاقتصادي ومواكبة الفاعلين في المجال.
كما أود أن أؤكد عزم كافة مكونات النيابة العامة على أن لا تدخر جهدا من أجل تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة عبر التصدي لكل ما يشكل انتهاكا ماسا بأي حق من الحقوق بكل حزم وصرامة وتفعيل احترام الأجل المعقول في تدبير الإجراءات، مع ترشيد استعمال الآليات القانونية الماسة أو المقيدة للحرية.
ولا تفوتني الفرصة في هذه الجلسة دون أن أشيد بجهود مختلف مكونات محكمة النقض التي ساهمت في تحقيق نتائج جد إيجابية على مستوى عدد القرارات الصادرة خلال سنة 2022 وما رافق ذلك من تطور متميز في تدبير إدارة المحكمة وبناء علاقات تعاون مثمرة بين مكوناتها رئاسة ونيابة عامة والتي يرجع فيها الفضل الكبير للسيد الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية من خلال إشرافه الشخصي ومواكبته للتدبير الأمثل لظروف العمل.
ولابد من الإشارة كذلك إلى التطور الذي عرفته محاكم المملكة على مستوى الإمكانيات البشرية واللوجستيكية والتي يرجع الفضل فيها للسيد وزير العدل من خلال تفاعله الإيجابي مع متطلبات تدبير العدالة والتنسيق مع ممثلي السلطة القضائية لاسيما ما يتعلق ببناء مقرات بعض المحاكم ومراكز القضاة المقيمين وفق معايير معمارية حديثة من شأنها أن توفر الفضاء المناسب للعاملين بها لأداء واجبهم المهني، فضلاً عن مقاربته التشاركية مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة بخصوص مشاريع القوانين التي ترمي إلى تجويد بعض النصوص وتجاوز مكامن القصور فيها.
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة رؤساء الغرف والأقسام والمستشارين ؛
حضرات السيدات والسادة الحضور الأفاضل؛
في ختام هذه الكلمة أود أن أجدد إليكم السيد الرئيس الشكر الجزيل والعرفان الجميل على كل ما تقومون به لفائدة العدالة وعطائكم الدائم في سبيل رِفْعة هذا الصرح القضائي الشامخ وتواصلكم المستمر مع مختلف مكونات أسرة العدالة، ودفاعكم المستميت عن استقلال السلطة القضائية، وعلى حرصكم القوي على تعزيز قيم النزاهة والتخليق لدى كافة مكونات العدالة، كما أود أن أشيد بالمستوى العالي للتنسيق مع النيابة العامة لدى محكمة النقض ورئاستها في مجموعة من برامج العمل المشترك والتي لاتدخرون جهدا في دعمها وإنجاحها، فلكم أسمى عبارات التقدير والامتنان.
والشكر موصول أيضا إلى السيد وزير العدل على المستوى المتميز لتفاعله مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة بهدف إيجاد الحلول المناسبة لكل الإشكالات والمعيقات التي تعترض سير العدالة على الوجه المطلوب.
ولا تفوتني الفرصة دون أن أجدد شكري لكل مكونات محكمة النقض ومختلف محاكم المملكة من مسؤولين قضائيين و قضاة رئاسة ونيابة عامة ومسؤولين إداريين وأطر كتابة الضبط على ما يقومون به من جهد متميز وعمل دؤوب بكل إخلاص وتفان ونكران ذات في سبيل مصلحة الوطن وخدمة العدالة.
والشكر موصول أيضا للسيد رئيس جمعية هيئات المحامين والسادة النقباء وأعضاء هيئة الدفاع والسادة رؤساء مجالس المهن القانونية وكافة مساعدي القضاء ولكل من يساعد ويدعم العدالة في أداء مهامها من مختلف السلطات مركزيا وجهويا ومحليا، وهي مناسبة أغتنمها أيضا لأعبر فيها كذلك عن خالص الشكر والامتنان للدعم والمساعدة والمساندة التي ما فتئ السيد المدير العام للأمن الوطني المدير العام لإدارة مراقبة التراب الوطني والسيد قائد الدرك الملكي وكافة مكونات الشرطة القضائية التابعة لهم إداريا التي يقدمونها للعدالة وللنيابة العامة لتيسير قيامها بمهامها على الوجه المطلوب وعلى تفاعلهما الفوري مع المبادرات التي تدعو إليها رئاسة النيابة العامة في بعض مجالات العمل المشترك فلهم منا أوفى عبارات الود والتقدير والامتنان.
كما نسأل الله تعالى أن يقوي عزائمنا ويعيننا على سلوك الطريق القويم وأن يلهمنا القرار الصائب لنكون عند حسن ظن صاحب الجلالة الملك محمد السادس رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أدام الله تعالى نصره وعزه وحفظه بما حفظ به الذكر الحكيم، وأقر عينه بولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بصنوه الرشيد الأمير مولاي رشيد، وكافة أسرته الشريفة إنه سميع مجيب.
قال الله تعالى في سورة التوبة الآية 105﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. صدق الله العظيم.
وختاما، ألتمس منكم السيد الرئيس الإعلان عن افتتاح السنة القضائية 2023 بهذه المحكمة والإذن للسادة المسؤولين القضائيين بمحاكم الاستئناف بافتتاح السنة القضائية أيضا بمحاكمهم، وأمر السيد رئيس مصلحة كتابة الضبط بتحرير محضر بوقائع هذه الجلسة الرسمية للرجوع إليه عند الاقتضاء.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
م. الحسن الداكي
الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض
رئيس النيابة العامة