ذ/عتيقة مومن
ستصبح شجرة الزيتون مستقبلا في منطقة بني ملال في خبر كان إذا كان للإنسان رئة يتنفس بها، فرئة الكون هي الأشجار، ومن بينها شجرة الزيتون المقدسة على امتداد التاريخ وفي كل الديانات السماوية، بما فيها الدين الإسلامي؛ حيث وردت مجموعة من السور القرآنية، التي تبرز مكانتها وتبين عظمتها؛
غير أن واقع الحال، وما نعيشه في عصرنا الحاضر، ينذر بأن مصير هذه الشجرة لا يبشر بالخير وتتجه إلى مصير مجهول ولا سيما في منطقه بني ملال، التي تعتبر من المناطق الفلاحية المشهورة بهذه الشجرة، لتوفرها على الظروف المناخية الملائمة لازدهارها؛ إلا أنه في الآونة الأخيرة عرفت تراجعا ملحوظا في المساحة المغروسة وفي مردوديتها الإنتاجية وجودتها، كما يمكن أن تتعرض للانقراض مستقبلا إذا لم تتظافر جهود الجميع من مهنيين ومجتمع مدني من اجل اتخاذ التدابير والمبادرات اللازمة. فهذا القطاع يعاني بشدة من مخلفات التغيرات المناخية وعواقبها، كالجفاف وانجراف التربة والاحتباس الحراري، بالإضافة إلى الحرائق والرعي الجائر والاجتثاث المفرط من طرف الإنسان من أجل التوسع العمراني. وفي هذا الصدد نرصد على مستوى الواقع التصرفات الشنيعة للوبيات العقار التي شنت حربا قاسية على هذه الشجرة، وذلك من خلال تسخير كل الآلات الثقيلة لاجتثاثها لتفسح المجال لصالح الهياكل الإسمنتية التي تسعى من ورائها الربح المادي على حساب المجال الأخضر. وهذا الأمر لا تخطئه العين حيث نجد نظام التخريب والتدمير قريبا منا ولا سيما هوامش بني ملال خاصة بالقرب من منطقه امغيلة وأولاد عياد و المسيرة؛ حيث ان تلك الفضاءات الجميلة والمناظر الجذابة التي تعد رئة المدينة ومتنفس محيطها أصبحت بين عشية وضحاها أشباحا إسمنتية تعانق السماء دون ان يتحرك الضمير الإنساني لوضع حد لهذه الجريمة الشنعاء، التي استنزفت هذه الأشجار وقضت عليها وعليه وكنتيجة حتمية من نتائج لهذا الزحف العمراني تراجع الفضاءات الخضراء، مما يساعد بدرجة أو بأخرى على تمهيد الطريق نحو التصحر ونقص الأوكسجين في البيئة. ومع تراجع كثافه هذه الأشجار المباركة، اشتاقت مدينتنا إلى ذلك الماضي الجميل ذي الجو اللطيف والنقي والمناظر الطبيعية التي كان يستمتع بها أسلافنا وأجدادنا، كما يحن سكانها إلى غلالها الطبيعية الخالية من المواد الكيماوية وذات الجودة العالية وبأثمان زهيدة. وتبعا لذلك فإن الأمر يستدعي تدخلا عاجلا لوضع حد لهذه المعضلة السيئة ولو بكلمة تحسيسية، والقيام بحملات وندوات توعوية للحفاظ على هذه الشجرة المقدسة وفي هذا الإطار أكد مدير وكالة الحوض المائي لأم الربيع على ضرورة تفادي كل السلوكيات والطرق المبذرة للماء لمواجهة مخلفات الجفاف خاصة في المجال الزراعي؛ وذلك بتعويض السواقي بالسقي بالتنقيط التي تدعمها المديرية الإقليمية للفلاحة، التي تساهم بدورها بشكل كبير في دعم الفلاحين ماديا وتقنيا وتعطيهم المشورة والمساعدة في كيفية الزراعة؛ كما أكد من جهته ممثل المديرية الإقليمية للفلاحة على تشجيع الفلاحين على السقي بالتنقيط، واختيار الشتلات المنتقاة والمختارة باتباع إرشادات الأطر التقنية المسؤولة. ومن موقعنا كتلاميذ ثانوية أدوز الإعدادية وانسجاما مع ما تلقيناه من قيم وأخلاق في المجال البيئي والسكاني، نجد أنفسنا جنودا مجندين من أجل محاربة هذه الظواهر المقرفة والمقززة المنتشرة في محيطنا، لكي نترجم ما تلقيناه تعلما وتربويا وتشبعنا به قيميا الى سلوكات وتصرفات تنعكس إيجابا على البيئة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى ننصب أنفسنا محاميين للدفاع والترافع من أجل الشجرة. وكذلك إلى الجهات المسؤولة ونطالبها أن تتخذ قوانين صارمة لمحاربة اجتثاث الأشجار من أجل تعويضها بالسكن وفرض غرامات وعقوبات على كل من يساهم في ذلك. كما أننا نعدكم أننا سنجتهد من جانبنا في إعادة الاعتبار لهذه الشجرة من خلال الالتزام بغرس شتلات الزيتون في كل موسم لزيادة عدد الأشجار وغرس الثقافة البيئية في نفسية التلاميذ والتلميذات والحفاظ على البيئة بكل أشكالها على العموم وذلك بالانخراط المكثف في النوادي التربوية خاصة النادي البيئي، بالإضافة الى توعية الناس وتحسيسهم بأهمية الاعتناء بالأشجار اعتمادا على وسائل الإعلام ونشرها في مواقع التواصل الاجتماعي وفي المؤسسات التعليمية. فهذه الشجرة المباركة والمقدسة والتي تعد من النعم التي كرم الله بها عباده تستلزم تضافر الجهود للحفاظ عليها وتتطلب العناية بها وحمايتها من الضياع والتلاشي باتباع كل التدابير السالفة الذكر للمساهمة في التنمية المستدامة التي ستعود بالنفع للأجيال الصاعدة. وللتذكير مرة أخرى، فهذه الشجرة لها مكانة عظيمة في القرآن الكريم إلى درجة أن الله عز وجل أقسم بها في سورة التين: “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) ” كما وردت مكانتها في مجموعة من السور القرآنية: قال الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِين). سورة الأنعام: 141 و قال تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ). سورة النور: 35 ويكفينا دليلا على سمو وشأن ومقام ومنزلة الزيتون هذه الآيات الكريمة، لتكون مرشدا وموجها لكل من يستخف بمكانة هذه الشجرة، ويتجرأ على وأدها بدون ذنب من أجل دريهمات الدنيا الفانية، ليتعظ ويوخزه ضميره حتى يتحرك البعد الإنساني فيه ليدرك حجم الخطيئة المقترفة في حق هذا الكائن الحي، ومن ثمة يعيد النظر في سلوكاته ويصوب تصرفاته فيعترف بالجميل، وعوض أن يقابل الإحسان بالإساءة، يقابل الإحسان بالإحسان. والجدير بالذكر ان هذه الورشة كانت من تأطير : الأستاذة: عتيقة المومن وإعداد تلميذات وتلاميذ الثانوية الإعدادية أدوز الاتية أسماؤهم
ورهوش إالياس 2/1 زكرياء تفرنت 2/1 دعاء ايت احمد 2/2 مروة بوبغي 2/1 فاطمة الزهراء بنعباد 2/1 خفاق إكرام 2/1