الأخبار
الرئيسية / الرئيسية / بالصخيرات: كلمة السيد مولاي الحسن الداكي بمناسبة ندوة حول موضوع: “تحديد وتقييم المصلحة الفضلى للأطفال المهاجرين غير المرفقين ووضع حلول دائمة لتحقيق مصلحتهم الفضلى

بالصخيرات: كلمة السيد مولاي الحسن الداكي بمناسبة ندوة حول موضوع: “تحديد وتقييم المصلحة الفضلى للأطفال المهاجرين غير المرفقين ووضع حلول دائمة لتحقيق مصلحتهم الفضلى

كلمة السيد مولاي الحسن الداكي الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة بمناسبة ندوة حول موضوع: “تحديد وتقييم المصلحة الفضلى للأطفال المهاجرين غير المرفقين ووضع حلول دائمة لتحقيق مصلحتهم الفضلى”

-قصر المؤتمرات بالصخيرات-
27 و28 أبريل 2023

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين
السيدة وزيرة التضامن والادماج الاجتماعي والأسرة؛
السيدة سفيرة الاتحاد الأوربي بالمغرب؛
السيدة ممثلة مكتب الأمم المتحدة لحماية الطفولة بالمغرب؛
السيدة ممثلة رئيسة مكتب مجلس أوروبا بالمغرب؛
السادة ممثلو الهيئات الديبلوماسية بالمغرب؛
السيدة والسادة رؤساء الأقطاب برئاسة النيابة العامة ؛
السادة المسؤولون القضائيون والسيدات والسادة القضاة ؛
السادة ممثلو المؤسسات الحكومية وهيئات المجتمع المدني؛
السادة الخبراء الدوليون؛
الحضور الكريم، كل باسمه وصفته وما يجب لشخصه من تقدير واحترام.
يسعدني أن أرحب بجميع السيدات والسادة الحاضرين الذين شرفونا بحضورهم هذا اللقاء العلمي الذي من خلاله نعلن عن افتتاح هذه الندوة التي تنظمها رئاسة النيابة العامة بشراكة مع مكتب الأمم المتحدة لحماية الطفولة اليونيسف بالمغرب وبدعم من الاتحاد الأوروبي من أجل الوقوف على خلاصات الاستشارة الوطنية التي تم إنجازها بواسطة مكتب المصالح الاجتماعية الدولية الاستشاري بجنيف حول التكفل بالأطفال المهاجرين وتفعيل الحلول المستدامة من أجل مصلحتهم الفضلى

حضرات السيدات والسادة؛

لقد أصبح المغرب في السنوات الأخيرة بلدا لإقامة مجموعة كبيرة من المهاجرين بعد ان كان على مر العقود بلدا للعبور، فالتحول الذي عرفه على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي وسياسة الانفتاح التي نهجها خاصة على الدول الافريقية كانت عوامل أساسية في هذا التحول، مما كان له انعكاس على التركيبة المجتمعية لبلدنا واقتضى سن قوانين وإرساء سياسات واستراتيجيات لتأطير هذا التحول، اقتناعا بأن المهاجرين لاسيما غير الشرعيين يعيشون ظروفا تجعلهم في وضعية هشاشة، وتزداد هذه الوضعية تفاقما عندما يتعلق الأمر بفئة الأطفال المهاجرين غير المرفقين بسبب خطر تعرضهم للاستغلال ووقوعهم ضحايا للجريمة المنظمة العبر الوطنية.
ووفاء بالالتزامات الدولية في هذا الإطار حرصت المملكة المغربية على تمتيع المهاجرين بالحقوق المخولة للمواطنين المغاربة دون تمييز سواء من خلال المقتضيات الدستورية خاصة ما ورد بديباجة الدستور وببابه الثالث المتعلق بحماية الحقوق والحريات وفق ما تم التعارف عليه دوليا، أو من خلال مختلف النصوص القانونية في مقدمتها القانون رقم 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة الذي يمنع ترحيل المهاجرين القاصرين نحو بلدانهم الأصلية (الفصل26).
ولابد من التذكير في هذا الصدد بأن الأطفال الأجانب بالمغرب يتمتعون بكافة الحقوق المخولة للمغاربة، بما في ذلك الحماية الجنائية من أي انتهاك أو اعتداء يقع عليهم، وكذا فيما يتعلق بحمايتهم كأطفال في وضعية صعبة أو في وضعية إهمال أو في وضعية مخالفة للقانون، حيث يستفيدون من نفس تدابير الحماية المقررة للأطفال المغاربة والتي يتم فيها اعتماد معيار مصلحتهم الفضلى. كما عمل المشرع المغربي على ضمان توفر هؤلاء الأطفال على حقوقهم المدنية لاسيما الحق في الهوية، حيث سمح بتسجيل جميع الأطفال كيفما كانت وضعيتهم عند الولادة، اعتمادا على كون الحق في الهوية مفتاحا للتمتع بكافة الحقوق المكفولة للأطفال.
وحرصا من صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده الدائم على حماية حقوق الإنسان عموما دون تمييز أيا كان مصدره، أعطى جلالته تعليماته السامية لوضع سياسة وطنية حول الهجرة واللجوء خاض المغرب من خلالها ابتداء من سنة 2013 رهان تبني تجربة رائدة في المنطقة العربية والافريقية، حيث تميزت هذه السياسة بكونها إنسانية في مقاربتها، مسؤولة في خطواتها تراعي حقوق المهاجرين واللاجئين الأساسية تمام المراعاة من حيث مقاصدها، كما تهدف إلى تسهيل إدماج المهاجرين في النسيج المجتمعي المغربي ووضع إطار قانوني ومؤسساتي ينبني على احترام حقوقهم الإنسانية، وينعكس هذا التوجه من خلال مجموعة من التدابير التي اتخذها المغرب على مستويات كثيرة، كالتعليم والصحة من خلال السماح للمهاجرين لاسيما الأطفال بولوج المدارس وولوج مراكز التكوين المهني والاستفادة من البرامج الترفيهية والمخيمات الصيفية كباقي الأطفال المغاربة دون تمييز، بالإضافة إلى إعطائهم الحق في الاستفادة من الخدمات الصحية ومن حملات التلقيح وتمكينهم من كافة حقوقهم الأساسية ومساعدتهم على الاندماج في المجتمع.
ونستحضر في هذا السياق مقتطفا من الرسالة السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله للمؤتمر الحكومي الدولي من أجل المصادقة على الاتفاق العالمي حول الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية بتاريخ 10 دجنبر 2018 التي جاء فيها “…ينبغي ألا تكون المسألة الأمنية مبرراً لخـرق حقوق المهاجرين، فهي ثابتة وغير قابلة للتصرف.
ذلك أن تواجد أي مهاجر في هذا الجانب أو ذاك من الحدود لا ينقص من إنسانيته وكرامته، ولا يزيد منها. كما أن المسألة الأمنية لا يمكن أن تكون مبررا لعدم الاهتمام بسياسات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، التي تهدف إلى الحد من الأسباب العميقة للهجرة، الناجمة أساسا عن هشاشة أوضاع المهاجرين.
وإضافة إلى ذلك، فإن الاعتبارات الأمنية يجب أن لا تمس بحرية التنقل والحركة؛ بل ينبغي أن تحولها إلى رافعة للتنمية المستدامة، خاصة في الوقت الذي يعمل فـيه المجتمع الدولي على تنزيل خطة التنمية المستدامة 2030….” انتهى النطق الملكي السامي.
ووعيا من رئاسة النيابة العامة بأهمية الموضوع وبالنظر لمركزية الصلاحيات التي يمنحها لها الدستور والقانون في حماية حقوق وحريات الجماعات والأفراد لاسيما الفئات الهشة، انخرطت منذ استقلالها في دينامية مستمرة لتطوير أداء النيابة العامة لحماية الأطفال بمن فيهم المهاجرون. ومن هذا المنطلق التزمت رئاسة النيابة العامة بتعاون مع اليونسيف بالإشراف على إنجاز استشارة وطنية حول التكفل الوطني والعبر الوطني بالأطفال المهاجرين ووضع حلول دائمة لتحقيق مصلحتهم الفضلى من خلال صياغة مساطر عملية نموذجية للتكفل بالأطفال المهاجرين ووضع خارطة طريق تسمح بتحديد حلول دائمة لوضعية هذه الشريحة من الأطفال في إطار احترام تام لمصلحتهم الفضلى، وقد مر إنجاز هذه الاستشارة التي نلتئم اليوم لعرض خلاصاتها وتدارس نتائجها بعدة مراحل استغرقت زهاء سنتين ونصف من العمل المتواصل على الرغم من الصعوبات التي واجهت فريق العمل في بداية إنجازها بسبب انتشار وباء كوفيد 19 وما فرضته حالة الطوارئ الصحية من عراقيل في تنفيذ العمل حيث تم اعتماد تقنية التناظر عن بعد في جزء مهم من العمل.
حضرات السيدات والسادة؛
تعتبر هذه الاستشارة التي تم إنجازها بكيفية تشاركية مع مختلف الفاعلين المعنيين بالتكفل بالأطفال المهاجرين نقطة انطلاق في تشخيص الوضع ومعرفة نقط الضعف في منظومة التكفل بالطفل المهاجر ، كما تعتبر خارطة الطريق التي انبثقت عنها إطاراً ناجعاً لتوضيح دور كل فاعل على حدة في هذه المنظومة ومن تم العمل على إيجاد حلول مستدامة تهدف إرساء استمرارية رعاية الطفل المهاجر في بيئة امنة وكذا تنمية العلاقات الاجتماعية المستقرة بما يسمح للطفل المهاجر بتطوير آفاقه المستقبلية سواء كان في المغرب أو ببلده الأصلي أو ببلد ثالت، ما يفرض بالتأكيد تطوير اليات التعاون والتنسيق على مختلف المستويات الوطنية والدولية لضمان تمتع الطفل المهاجر بحقوقه.
وقد استهل إنجاز هذه الاستشارة بمرحلة تمهيدية خصصت لتعبئة استمارات تم تقاسمها مع الفاعلين في مجال حماية الأطفال المهاجرين والتكفل بهم في مدن طنجة -الناظور -وجدة -تطوان – أكادير -الدار البيضاء حيث كانت الغاية هي التعرف على المتدخلين في عملية التكفل والادوار التي يتم القيام بها والوقوف على الخدمات المقدمة. كما كشفت هذه الاستمارات بعد تفريغ محتواها على الملامح الاجتماعية التي يتميز بها الطفل المهاجر على أرض المغرب من حيث الأصول وأسباب الهجرة وكيفية التنقل والمسارات التي سلكها حتى وصوله للمغرب، كما تم استغلال هذه المرحلة الأولى لتحسيس وتعبئة الفاعلين المحليين والمركزيين بما تضمنته الاستمارات من معطيات حول حاجيات الأطفال المهاجرين وسمحت من جهة ثانية بتطوير رؤيا مشتركة من أجل عمل مشترك فعال يضمن تكفلا ذا جودة، وكذا بتقاسم الممارسات والتجارب الفضلى ورصد ما هو موجود على أرض الواقع في أفق تقويته من أجل الوصول إلى حلول مستدامة للمشاكل التي يعيشها الطفل المهاجر وفقا لما تقتضيه مصلحته الفضلى.
أما المرحلة الثانية من إعداد الاستشارة فاستهدفت صياغة مساطر عملية نموذجية تراعي الخصوصية المغربية في تدبير موضوع الهجرة وذلك من خلال العمل المشترك لبناء مسار دائم ومندمج لصالح الأطفال المهاجرين، حيث ستسمح هذه المساطر النموذجية من تنسيق العمل بين الفاعلين المنخرطين في عملية التكفل بالأطفال المهاجرين مع إعطاء الأهمية لجانب تقوية القدرات في تقييم وتحديد المصلحة الفضلى للطفل المهاجر وفق منظور مغربي وبخبرة وطنية.
وقد مكنت هذه المرحلة من وضع نموذج للتكفل المحلي بالأطفال المهاجرين خاصة على مستوى مدينتي طنجة ووجدة في أفق نجاحه وتعميمه على الصعيد الوطني بشراكة مع كافة المتدخلين.
ولابد في هذا الإطار من الإشادة بالممارسات الجيدة التي تم تسجيلها لمصلحة الأطفال المهاجرين نتيجة التعاون بين النيابة العامة وهيئات المجتمع المدني والقطاعات الحكومية المعنية، نذكر منها تجربة النيابة العامة بوجدة وتعاونها مع جمعية “شبيبة” والتي تمكنت من إدماج عدد من الأطفال المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء لاسيما من جنسية غينية وسنغالية وسودانية حيث استطاعت هذه الجمعية بمساعدة النيابة العامة التي أودعت هؤلاء الأطفال لديها لمواكبتهم وتمكينهم وتكوينهم في مجموعة من الحرف أو المهن واختار بعضهم الاستقرار والعمل بالمغرب فيما اختار بعضهم الآخر العودة طوعيا لبلدهم الأصلي وفتح مشاريعهم المدرة للدخل هناك، وهو ما يشكل نجاحا فعليا للتجربة يحقق مصلحة للطفل ويجعل منه رافعة للتنمية.
حضرات السيدات والسادة؛
ختاما لابد من التأكيد بأن مراحل إنجاز هذه الاستشارة كما سيتضح لكم من أشغال هذا اللقاء أفرزت مجددا بشكل جلي أن مسؤولية حماية حقوق الأطفال وحماية الطفل المهاجر بصفة خاصة مسؤولية جسيمة لا يمكن لقطاع أو لمؤسسة أن تتعهد بحلها بمفردها، إذ يبقى تظافر كل الجهود وتنسيقها وضمان التقائيتها هو المنفذ لتنزيل الحلول المستدامة لتحقيق المصلحة الفضلى لجميع الأطفال وللأطفال المهاجرين غير المرفقين. وهو ما برر حضوركم اليوم من مختلف المشارب والمسؤوليات حول هذا الموضوع الذي يشغلنا جميعا.
ولا تفوتني الفرصة دون الترحاب مجددا بالسادة الخبراء الدوليين القادمين من دول إسبانيا، إيطاليا، سويسرا، غانا، نيجيريا والسنغال الذين يشرفون رئاسة النيابة العامة وضيوفها في هذا اللقاء من أجل تقديم تجاربهم وآرائهم ذات الصلة بحماية الأطفال المهاجرين، مما سيغني لامحالة التصورات والخلاصات التي أفرزتها الاستشارة الوطنية المنجزة في الموضوع، والشكر موصول لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونسيف على دورها في التنسيق والدعم المتواصل لمبادرات رئاسة النيابة العامة، وكذا لكل من ساهم في الإعداد وتنظيم هذا اللقاء العلمي المتميز الهادف إلى الإسهام في دراسة وتحليل وضعية هذه الفئة من الأطفال.
وفقنا الله جميعا وسدد مساعينا لمصلحة الطفولة سواء ببلدنا أو عبر العالم، وجعلنا عند حسن ظن مولانا الإمام جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ونصره، وأقر عينه بولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن، وشد أزره بصنوه الرشيد مولاي رشيد، وكافة أسرته الشريفة، إنه سميع مجيب.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
م. الحسن الداكي
الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض
رئيس النيابة العامة

عن Zwawi

شاهد أيضاً

باكادير..تنظيم المناظرة الوطنية للصحة في دورتها التاسعة

المناظرة الوطنية للصحة في دورتها التاسعة بأكاديرالجمعية الوطنية للمصحات الخاصة في قلب النقاشات الصحية الراهنةالحكامة، …

اترك تعليقاً