متابعة: فاطمة الزهراء الزين
واصل نادي القلم المغربي بالدار البيضاء بتعاون مع المركز الثقافي بنمسيك بالدار البيضاء وبإشراف علمي لمختبر السرديات، في لقائه الثاني من برنامجه الثقافي لهذا الموسم، تقديم قراءات عدد من النصوص الروائية المغربية، وذلك يوم السابع عشر من نونبر، بحضور عدد من المثقفين والمتابعين. وقد افتتح اللقاء شعيب حليفي بكلمة معتبرا فيها أن هذا اللقاء هو بمثابة محاورة لجماليات الكتابة في علاقتها بالتخييل والمجتمع، بغية البحث عن المصادر التاريخية والثقافية فيها، وكذلك صداها الصامت والمدوي. كما رحبت أسماء الرفاعي، مديرة المركز الثقافي بنمسيك، في كلمتها بالحاضرين والمشاركين، معبرة عن انفتاح المركز على كل الفعاليات الثقافية والفنية التي تحتفي بالإبداع والجمال.الورقة الأولى في اللقاء، بعنوان “الكتابة ضد المحو والزوال، قراءة في درب الحاجب36 للروائي أحمد المديني” قدمتها سلمى براهمة ،مشيرة في البداية إلى المسار الإبداعي الطويل والحافل للروائي أحمد المديني، وكذا مشروعه السردي الذي تميز بالتجريب والتجديد، وأبرزت بعد ذلك، أن الرواية انبنت من خلال ثلاثة مكونات، أولها استثمارها للجنون فنيا ودلاليا مما أتاح فرصة السخرية والمفارقة والجد والهزل والشك واللايقين، ثانيها حضور الميتارواية وطرح أسئلة الكتابة وتصور الروائي لها، وأخيرا الواقع المغربي بأحداثه المليئة بالعنف والاقصاء والجور حد الغرابة والعجائبية، ومنها حدث درب الحاجب الذي ميز الدار البيضاء في ثمانينيات القرن العشرين، (قرئت الورقة نيابة عن نور الدين بلكودري).أما الورقة الثانية فجاءت حول “انفتاح الخطاب السردي ومحكيات الهامش” ،قراءة في رواية العروة الوثقى في أخبار الحمقى لعبد الإله الرابحي”. وهي مداخلة عبد الرحمن الزنادي، تطرق فيها لأربعة مداخل؛ المدخل الأول بخصوص سرديات الجنون والهديان المعبر عن الحقيقة، أما الثاني فعن شخصية المجنون: تباين في النبع والتقاء في المصب. أما الثالث فحول الجنون المؤنث والجنون المذكر: الاتفاق والاختلاف. والمدخل الأخير عن مذهب الجنون: من صور المثقف إلى صور المجنون. واعتبر هذا الإنتاج الأدبي لصاحبه من الكتب السردية الأدبية التي تعالج المسكوت عنه في ثقافات وآداب الهامش المغربي؛ إذ يقدم معالجة سردية أدبية مغايرة لهذه الظاهرة، مع التركيز على خصوصية التجربة المغربية للجنون.المداخلة الثالثة قدمتها زينة ابورك بعنوان “صوت الرواية وجمالية الفنون في رواية “سمفونية فيفالدي” لحسن احمامة”، موضحة أن الفن إشكالي حينما يمزج الإبداع والذوق في الرواية، وذلك من خلال قراءة خارجية متمعنة للرواية، بدءا بالغلاف الذي يعكس فن الألوان وفن الموسيقى في علاقة هذه الفنون بالكاتب حسن حمامة، حيث شكلت أساس روايته. وانطاقا من هذا، تنفتح الرواية على محورين أساسيين: الرواية صوت مؤنس باختيار الكاتب لشخصية البطل المتقاعد المنكب والمنغمس في الكتابة، ثم محور، الرواية والفنون عبر مزج الكاتب بين الموسيقى “سمفونية فيفالدي”، وبين اللوحات التشكيلية التي انكب البطل على رسمها وعرضها بأروقة المعارض. الورقة الموالية لمحمد الخلفي بعنوان “قضايا الحلم بين التخييل والتاريخ، قراءة في رواية “مايا صدى الجبال لمليكة رتنان”، اعتبر فيها الرواية نصا في التخييل التاريخي، بتسليطه الضوء على فترة من تاريخ المغرب قل اهتمام الأدباء بها. ولم تكن هذه العودة للتاريخ من أجل البحث حول شخصية محددة أو حدث بعينه، بل لتقديم مرحلة امتدت لخمسين سنة، بهدف تصوير تفاعلات الذات الإنسانية وسط نسق من المفاهيم مثل: الظلم والقهر والاغتصاب والتعذيب وتلاشي العلاقات الإنسانية…وقدمت نعيمة لشكر ورقتها “بنية المكان وتقاطع الحكايات وتداخلها، قراءة في رواية المالغيقراط لمحمد الهجاجي”، أوضحت فيها كيف استعان محمد الهجابي في هذه الرواية بحدث حقيقي تناقلته الصحف والجرائد والإذاعة الوطنية، وهو سقوط عمارة في طور البناء بحي ولاد أوجيه بالقنيطرة، ليقدم بناء سرديا وفضاءات تخييلية يعكس ما يعيشه هذا المجتمع، بحضور مجموعة من التيمات كتيمة الفساد، وامتداداته في عدة قطاعات منها قطاع العقار الذي يعد مجالا حيويا يجعل حياة المواطنين وأحلامهم على المحك.المداخلة الأخيرة لسارة الأحمر بخصوص “أصوات الذات والمجتمع في رواية (من الداخل.. كلام آخر!!) لعبد العالي أناني”. اعتبرت فيها أن الرواية ذات ملامح من تجارب معيشة تقترب من المحكي السيري، إذ تحاكي واقع الكاتب نفسه، وترصد حوادث مجتمعية تمثل أصواتا متعددة، من بينها: صوت الذات الساردة التي تصارع القيم في مجتمع ينخره الجهل والاستبداد، وصوت شباب المجتمع، وهو صوت المآسي الفردية والجمعية وصوت الكادحين والعاطلين والمدمنين، وصوت التطرف والإرهاب، الذي تجد بذوره أرضا خصبة في المجتمعات التي تعرف هيمنة قوى القمع والتسلط.وخصص الثاني من اللقاء لكلمات الروائيين الحاضرين: عبد الإله الرابحي، حسن حمامة، مليكة رتنان، وعبد العالي أناني، من خلال تفاعلهم مع أسئلة حول تصورهم للرواية وأدوارها الثقافية، وفي الأخير كانت الكلمة للحضور المتابع باهتمام للقاء والذي أسهم بدوره في اثراء ما قدم من أوراق.