الأخبار
الرئيسية / الرئيسية / بالرباط: مداخلة السيد عزيز أخنوش خلال الجلسة الشهرية تحت عنوان “السياسة المائية بالمغرب”

بالرباط: مداخلة السيد عزيز أخنوش خلال الجلسة الشهرية تحت عنوان “السياسة المائية بالمغرب”

الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسات العامة (الفصل 100 من الدستور) الإثنين 12 دجنبر 2022 مجلس النواب نص المداهلة:” بسم الله الرحمن الرحيم السيدات والسادة الوزراء المحترمين؛ السيد رئيس مجلس النواب المحترم؛ 1. يطيب لي أن أجدد اللقاء بكم، في هذه الجلسة الشهرية، للإجابة على أسئلة السيدات والسادة النواب، حول موضوع “السياسة المائية بالمغرب”، وهي السياسة التي تكتسي أهمية كبرى بالنظر للدور الحيوي للماء في حياتنا الاجتماعية والاقتصادية وفي التوازن الإيكولوجي لبلادنا. فالماء هو أصل الحياة وسر الوجود، مصداقا لقوله تعالى: “وجعلنا من الماء كل شيء حي”. صدق الله العظيم. 2. ونحمد الله تعالى أن منّ على بلادنا بداية الشهر الجاري بأمطار الخير بعد أسوأ موسم عرفه المغرب من ناحية شح الأمطار والمياه، حيث اقتربنا من الحد المطلق لنقص هذه المادة الحيوية، وما لذلك من تداعيات على مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وما صاحبه من مخاوف حقيقية لدخول بلادنا في أزمة للماء. 3. والحمد لله، فالتساقطات المطرية الأخيرة أنعشت الآمال في رفع حقينة السدود وتفادي نقص الماء الشروب وفتح آفاق للموسم الفلاحي. لكن، وكما سأستعرض ذلك أمامكم، لن تثنينا هذه البشائر عن تكثيف الجهود وتعزيز الاستثمارات لمواجهة خطر الإجهاد المائي الذي عرفته المملكة خلال السنين الأخيرة، وتجنيب البلاد السيناريوهات الأسوأ فيما يخص هذا المجال. السيد الرئيس المحترم، السيدات والسادة النواب المحترمين؛ السيدات والسادة النواب المحترمون، 4. لقد شكلت قضية تعبئة الموارد المائية على الدوام موضع اهتمام خاص ببلادنا. وعلى هذا الأساس، بوأها الدستور صدارة الحقوق الأساسية، حيث نصت أحكام الفصل 31 منه على أن: “الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، يعملون على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة”. 5. كما أن الرؤية السديدة لصاحب الجلالة أولت عناية خاصة لهذا الموضوع، عبر توجيهاته السامية الرامية إلى الحفاظ على الموارد المائية وتثمينها، بما يساهم في ضمان رفاهية الأجيال الحالية والمستقبلية. 6. وفي هذا الصدد، شكلت مضامين الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الأخيرة، خارطة طريق متجددة، تروم تعبئة الجهود لتجاوز إشكالية ندرة المياه التي تشهدها المملكة، وما تفرضه من تحديات راهنية وأخرى مستقبلية، عبر تأكيده على أن سياسة الماء ليست مجرد سياسة قطاعية، بل تعد شأنا مشتركا يتطلب التقائية كل القطاعات المعنية. 7. وبالموازاة مع ذلك، سعت الحكومة، منذ بداية ولايتها، إلى وضع إطار منهجي واضح بهذا الخصوص، وذلك بمنح السياسة المائية أولوية خاصة في برنامجها الحكومي، سواء من خلال التوجه نحو إعادة هيكلة منظومة الحكامة المائية وتعزيز النجاعة والإلتقائية، أو من خلال ضمان توزيع عادل للموارد المائية مجاليا، مع ما يتطلبه ذلك من تنزيل محكم لبرامج السدود وتحلية مياه البحر ومعالجة المياه العادمة ومياه الأمطار، وتحسين مردودية قنوات مياه السقي والشرب. 8. لا بد أن نستحضر أن بلادنا قد قطعت أشواطا مهمة ولله الحمد لإرساء سياسة مائية محكمة منذ فجر الاستقلال إلى اليوم، وهو ما مكن من الاستجابة إلى احتياجاتنا الاقتصادية وأمننا المائي والغذائي، وذلك بفضل الرؤية الثاقبة التي نهجها المغفور له الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه، من خلال تبني سياسة مبتكرة للسدود والمنشآت الكبرى في منتصف ستينيات القرن الماضي، ساهمت بشكل مباشر في مواكبة مختلف التحديات الاقتصادية والاجتماعية ومختلف مراحل النمو الديمغرافي، فضلا عن تقليص حدة الأضرار الناجمة عن فترات الجفاف الصعبة. 9. كما تجدر الإشارة إلى أن المقاربة الاستباقية التي انتهجتها المملكة، مكنت من تحقيق نتائج إيجابية، لاسيما فيما يتعلق بالعدالة المجالية، حيث ساهمت تجربة التدبير اللامركزي للماء منذ إحداث أول وكالة للحوض المائي سنة 1997، من تشييد بنية تحتية مائية هامة مكنت من تلبية الحاجيات المتزايدة لجميع أصناف مستعملي المياه. 10. ففي مجال التجهيزات المائية، يتوفر المغرب حاليا على 149 سدا كبيرا بسعة إجمالية تفوق 19 مليار متر مكعب، و137 سدا صغيرا لدعم ومواكبة التنمية المحلية، و88 محطة لمعالجة مياه الشرب، بما فيها 9 محطات لتحلية مياه البحر (والتي توفر 147 مليون متر مكعب في السنة)، و158 محطة لمعالجة المياه العادمة، و16 منشأة لتحويل المياه، بالإضافة إلى آلاف الآبار والأثقاب لاستخراج المياه الجوفية. 11. وقد مكنت هذه المجهودات من تعميم التزود بالماء الصالح للشرب في المجال الحضري بنسبة 100% انطلاقا من منظومات مائية مستدامة، كما يتم متابعة تعميم التزود بالماء الشروب في العالم القروي، حيث بلغت المنشآت المنجزة نسبة ولوج تصل إلى 98,5 %. فضلا عن سقي أزيد من 2 مليون هكتار من الأراضي الفلاحية، وتعزيز آليات الحماية من الفيضانات، والمساهمة في إنتاج الطاقة الكهربائية. 12. وعلى امتداد السنوات الماضية، عملت بلادنا على ترشيد استهلاك المياه في القطاع الفلاحي، حيث أن الفلاحة المسقية دخلت عصرا جديدا، تميز باعتماد سياسة تشجيع تعميم تقنيات وأنظمة الري المقتصدة للماء، وتحسين خدمة الماء وضمان استدامة البنيات التحتية للري. 13. كما أن برامج تدبير مياه السقي احتلت مكانة محورية ضمن استراتيجيات التنمية الفلاحية ببلادنا منذ سنة 2008. ففي إطار مخطط المغرب الأخضر، تم تجهيز حوالي مليون هكتار بأنظمة الري، منها 653 ألف هكتار بالسقي بالتنقيط لفائدة 271 ألف مستفيد، واقتصاد وتثمين أكثر من 2 مليار متر مكعب من مياه السقي، وهو ما يعادل اقتصاد مخزون سد كبير على غرار سد المسيرة. 14. كما تعتزم الحكومة مضاعفة هذا المجهود عبر مواصلة دعم استدامة وتنافسية الفلاحة المسقية، من خلال استراتيجية الجيل الأخضر، التي تهدف إلى تجاوز المساحة المسقية بالتنقيط إلى 1 مليون هكتار في أفق 2030. السيد الرئيس المحترم، حضرات السيدات والسادة، حضرات السيدات والسادة، 15. رغم المكتسبات العديدة التي حققتها السياسة المائية الوطنية، لازالت هناك تحديات وإكراهات عديدة ترتبط أساسا بتأثير التغيرات المناخية، وما يترتب عنها من ندرة للمياه وانعكاسها الملموس على بيئة الإنسان وصحته، في ظل الارتفاع المهول لدرجات الحرارة الذي يشهده العالم في السنوات الأخيرة، لا سيما في دول حوض البحر الأبيض المتوسط. 16. ولقد تعرضت بلادنا إلى موجات متتالية من الجفاف، تظل أبرزها خلال الفترة ما بين 1940-1945 وبين 1980-1985. غير أن الفترة الممتدة ما بين 2018 و2022 تبقى من بين أشد الفترات جفافا على الإطلاق، حيث بلغ إجمالي وارداتها حوالي 17 مليار متر مكعب، وهو ما يشكل أدنى إجمالي للواردات خلال خمس سنوات متتالية في تاريخ المغرب. 17. وهذا ما يفسر التراجع الكبير للتساقطات المطرية بـــ 50 % على الصعيد الوطني مقارنة مع معدل التساقطات الاعتيادي، ناهيك عن التباين المجالي الذي تعرفه نسبة التساقطات، حيث تتركز 51% منها في 7 % فقط من المساحة الوطنية بكل من حوضي اللوكوس وسبو. كما أن حجم المخزون المائي بحقينات السدود بلغ إلى غاية فاتح دجنبر الجاري، حوالي 3.82 مليار متر مكعب، أي ما يعادل 23.8 % كنسبة ملء إجمالي مقابل % 34.6 سجلت في نفس الفترة من السنة الماضية. 18. ويسجل متوسط الفرد من المياه تراجعا كبيرا، حيث يقدر متوسط نصيبه في السنة بـ 620 مترا مكعبا. ومن المرتقب أن ينخفض إلى 560 مترا مكعبا سنة 2030 بفعل التزايد السكاني، بعدما كان في حدود 2560 متر مكعب في ستينيات القرن الماضي. إضافة إلى التباين المسجل وطنيا في متوسط حصة الفرد من الماء سنويا. ففي بعض المناطق يصل إلى 1000 متر مكعب، وفي مناطق أخرى لا يتجاوز 100 متر مكعب. 19. وبالموازاة مع التحديات الطبيعية التي تشهدها بلادنا، تعرف الموارد المائية استغلالا مفرطا للمياه الجوفية، نتيجة استفحال سلوكيات استهلاكية غير مسؤولة. فعلى سبيل المثال، أزيد من مليون متر مكعب من مياه نهر أم الربيع يتم يوميا استغلالها بصفة غير مرخصة، دون إغفال كون حوالي 40% من المياه تضيع عبر سيلانها من القنوات المائية، ناهيك عن إشكالية مصبات الأنهار في البحر، مما يتطلب التفكير في سبل تجميعها وتوجيهها إلى المناطق الأكثر تضررا لمواجهة الخصاص الحاصل. 20. لقد أصبح تغير المناخ ظاهرة بنيوية لا يمكن التنكر لها وتجاهل آثارها، مما يفرض أخذها بعين الاعتبار كمعطى أساسي ضمن مسلسل بلورة السياسات التنموية، لا سيما في المجالات الطاقية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما أصبح لزاما العمل بفعالية وبمنظور استباقي من أجل التكيف مع مظاهر التغير المناخي والتخفيف من آثاره، ووضع استراتيجيات قطاعية بشكل يراعي هذه التغيرات، في تكامل وتناسق مع الجهود المبذولة عالميا في هذا الإطار. 21. وما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، منذ اعتلاء عرش أسلافه المنعمين، أن أولى عناية خاصة لموضوع الماء، إدراكا من جلالته للتحديات المناخية والديمغرافية التي من شأنها التأثير على مواردنا المائية. فتم في عهد جلالته تشييد ما يزيد عن 50 سدا كبيرا ومتوسطا، إضافة إلى 20 سدا في طور الإنجاز، وإعطاء الانطلاقة لأهم محطات تحلية مياه البحر، خاصة محطة أكادير. كما أعطى توجيهاته السامية للعمل على ترشيد استعمال مياه الري التي نجحت بلادنا في كسب رهانها. 22. ولكن أمام تسارع المتغيرات والتحديات، أصبحت بلادنا مدعوة أكثر من أي وقت مضى، إلى الانخراط الجدي والمسؤول ومواصلة العمل التشاركي، ضمن منظور جديد يستهدف تدارك التأخير المسجل في قطاع الماء، ومنح الاستراتيجية الوطنية للماء، التي أمر جلالة الملك بإنجازها منذ 13 سنة، نفسا جديدا من الحكامة والفعالية، بما يضمن التسريع من وتيرة إنجاز مختلف محاورها الأساسية، سواء فيما يتعلق بمحطات تحلية مياه البحر التي لا يتجاوز عددها الحالي سوى 9 محطات من أصل 20 كهدف محدد لسنة 2030، أو من خلال بناء السدود التي لم تتجاوز -منذ 2009 إلى اليوم- 14 سدا كبيرا من أصل 57 سدا كحصيلة مبرمجة في أفق 2030، فضلا عن عمليات الربط بين الأحواض التي تعرف بدورها تأخرا ملحوظا. 23. لقد تجاوبت الحكومة بكل فعالية مع التوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب جلالته بمناسبة افتتاح هذه الدورة التشريعية، فيما يتعلق بتدبير الأمن المائي للمغاربة. 24. فعلى الرغم مما يمكن أن نستفيض في مناقشته من مسببات التأخر الذي عرفه تدبير هذا القطاع، فإننا لن نستحضر هنا إلا تعليمات جلالة الملك الذي جعل من هذا الملف قضية مصيرية للأمة، لا موضوعا للمزايدات السياسية أو مطية لتأجيج التوترات الاجتماعية. 25. وتنفيذا للتعليمات الملكية السامية، ووعيا باستعجالية التعاطي مع هذه الإشكالية، ستعمل الحكومة على تدبير شح الموارد المائية من خلال العمل على تعبئة مواردها وتحسين حكامة منظومتها، عبر إعادة هيكلة السياسة المائية وضمان حسن التنسيق بين مختلف المتدخلين، تعزيزا للنجاعة والانسجام بين الفاعلين، وحرصا على توفير توزيع عادل للموارد المائية بين مختلف الجهات، مع التنزيل المحكم لبرنامج بناء السدود وتحلية مياه البحر ومعالجة المياه العادمة ومياه الأمطار. 26. كما قررت الحكومة، تماشيا والسياسة الملكية الحكيمة في هذا الشأن، تخصيص غلاف مالي يقدر ب 10,6 مليار درهم برسم ميزانية 2023 (بزيادة 5 ملايير درهم عن السنة الماضية) لتنفيذ مجموعة من المشاريع البنيوية والهيكلية. 27. ولتجنب السيناريو الأسوأ لا قدر الله، فقد حرصنا على التتبع الحثيث لهذه الوضعية المقلقة، كما انكبت الحكومة على اتخاذ حزمة من الإجراءات ذات الطابع الإستعجالي، وفي مقدمتها إعطاء الأولوية للماء الصالح للشرب في المناطق المتضررة، خاصة على مستوى أحواض ملوية وأم الربيع وتانسيفت، والتصدي بحزم لمختلف التأثيرات السلبية الناجمة عن الجفاف كالهجرة القروية وتضرر سلاسل الإنتاج الفلاحي. 28. كما وضعت الحكومة برنامجا استعجاليا لمواجهة إشكالية ندرة المياه، رصدت له غلافا ماليا بقيمة 3 ملايير درهم، يهم كافة الأحواض المائية المتضررة من نقص المياه، فضلا عن توقيع مجموعة من الاتفاقيات بين مختلف المتدخلين لإعادة توزيع العجز وتجاوز تبعاته. وهمت هذه التدابير أربعة أحواض مائية، ويتعلق الأمر بكل من حوض أم الربيع، وتانسيفت، وملوية، وجهة درعة تافيلالت، بكلفة إجمالية تقدر بــ 2,335 مليار درهم. 29. فعلى مستوى حوض أم الربيع: تم الانتهاء من إنجاز قناة ربط شبكة مياه الشرب لشمال الدار البيضاء بجنوبه، إضافة إلى وضع المضخات (les barages flottants)، التي مكنت من الشروع في استغلال الأجزاء السفلية لحقينة سد المسيرة، فضلا عن إطلاق طلب التعبير عن الاهتمام لإنجاز محطة تحلية البحر بجهة الدار البيضاء سطات، والتي ستكون في إطار شراكة بين القطاع العام والخاص. وقد تم تحديد آخر الشهر الجاري كموعد لتقديم العروض. علاوة على التسريع في إنجاز محطة تحلية مياه البحر بآسفي، علما أن هذه المحطة ستساهم في توفير 30 مليون متر مكعب من الماء الصالح للشرب، منها 10 مليون متر مكعب قبل متم سنة 2023. كما سيتم تأمين تزويد مدينة الجديدة بالماء الشروب، انطلاقا من محطة تحلية مياه البحر بالجرف الأصفر التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط. 30. أما على مستوى حوض تانسيفت: فقد تم اتخاذ تدابير استباقية همت إنهاء أشغال جلب المياه من سد المسيرة، وتأهيل شبكة التوزيع لمدينة مراكش لتلبية حاجياتها، ثم برمجة إنجاز 16 سد من السدود الصغرى والتلية، وتعزيز اللجوء إلى المياه الجوفية عبر إنجاز أثقاب جديدة لدعم التزود بالماء الصالح للشرب، مع تأهيل شبكة التوزيع لمدينة مراكش، ودعم تزويدها انطلاقا من سد مولاي يوسف. 31. لكن تجدر الإشارة في الوقت الراهن، وبكل صراحة، إلى أن ضعف التساقطات الذي تسبب في تراجع مخزون سد المسيرة، إضافة إلى غياب الاستباقية في إنجاز مجموعة من المشاريع خلال السنوات الماضية، أصبح يهدد إمدادات منطقة مراكش من الماء الصالح للشرب، الشيء الذي نتمنى تفاديه حاليا من خلال ترشيد استعمال المياه وتواصل إن شاء الله نزول الأمطار بانتظام. أما على المدى المتوسط، ستعمل الحكومة، بشراكة مع المكتب الشريف للفوسفاط، على دراسة إمكانية إمداد هذه المنطقة بالماء الشروب من خلال تحلية مياه البحر، انطلاقا من مدينة آسفي. 32. وبخصوص حوض ملوية: فقد تم العمل على الشروع في استغلال مياه محطات الضخ “أولاد ستوت” و”مولاي علي” لتزويد الناظور والدريوش ورأس الماء وبركان والسعيدية بالماء الصالح للشرب، مع إنجاز قناتين للشرب انطلاقا من سد مشرع حمادي، وبرمجة إنجاز 11 سد من السدود الصغرى والتلية، إضافة إلى اقتناء وحدات متنقلة لتحلية المياه المالحة المستخرجة من الطبقات المائية الجوفية، وبرمجة تحلية مياه البحر في الجهة الشرقية على مستوى مدينة الناظور. 33. في حين عرفت جهة-درعة تافيلالت مباشرة إنجاز أثقاب استكشافية مكنت من تعبئة موارد جوفية إضافية، مع الشروع في استغلال سد الحسن الداخل لدعم الماء الشروب لمحور درعة-تافيلالت، وسيتم قريبا توفير الإمدادات الكافية لمنطقة زاكورة انطلاقا من سد أكدز الذي سيتم الشروع في استغلاله قريبا. هذا، مع برمجة إنجاز 33 سد من السدود الصغرى والتلية. 34. في نفس السياق، حرصت الحكومة على مواصلة تعميم شبكة التزود بالماء الشروب في العالم القروي، حيث خلصت التدابير المتخذة خلال السنة الجارية إلى:  تخصيص 2 مليار درهم خلال سنة 2022 لتزويد أكثر من 40 مركز قروي وحوالي 1970 دوار؛  مراجعة عدد المراكز والدواوير المعنية بتعميم التزود بالماء الشروب من طرف المصالح المختصة، حيث ستصل كلفة الاستثمارات حوالي 29,39 مليار درهم عوض 27 مليار درهم المبرمجة من قبل. 35. ولمضاعفة هذا المجهود الموجه لمعالجة الخصاص المسجل بالعالم القروي، تم تخصيص برنامج استعجالي وتكميلي، عبر التوقيع على اتفاقيتين في شهر أبريل 2022 بين وزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية، ووزارة التجهيز والماء، تهدف إلى:  اقتناء 706 شاحنة -صهريجية بمبلغ 471 مليون درهم لفائدة 75 إقليم لتأمين التزويد بالماء الشروب بالمراكز والدواوير التي تعرف عجزا؛  اقتناء 26 محطة متنقلة لتحلية مياه البحر لاستغلالها في 17 إقليم، و15 محطة لإزالة المعادن من المياه الأجاجة لاستغلالها في 9 أقاليم بمبلغ إجمالي يبلغ 440 مليون درهم. حضرات السيدات والسادة النواب المحترمون، حضرات السيدات والسادة، 36. تتويجا لهذه المجهودات، وتفاعلا مع المتغيرات المتسارعة والدينامية التي يقتضيها تدبير هذا الملف للاستجابة لحاجيات أصبحت أكثر استعجالا، فإن الحكومة ستعمل على تحيين وتسريع تنزيل المحاور الأساسية للبرنامج الوطني للتزود بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، الموقع أمام جلالة الملك في يناير 2020، 37. حيث سيتم تعزيز الاستثمارات من خلال الرفع من الاعتمادات المالية المخصصة للبرنامج من 115.4 إلى 150 مليار درهم، لتدارك التأخر الحاصل في تنفيذ بعض المشاريع، وتقديم البعض الآخر منها كإنجاز الشطر الثاني من محطة التحلية لأكادير الذي تمت برمجته في أفق 2025 بدل 2030. 38. فضلا عن إطلاق الدراسات الخاصة بمشاريع إضافية سترى النور مستقبلا، لاسيما ما يتعلق بمحطات لتحلية مياه البحر في كل من الدار البيضاء والناظور وآسفي والداخلة والجديدة ومراكش والصويرة وكلميم وطانطان وتيزنيت، ومراجعة البرمجة المتعلقة بالسدود، وإدراج سدود أخرى جديدة. 39. وسيتم رفع التوصيات التي أقرتها لجنة قيادة هذا البرنامج المنعقدة مؤخرا، إلى النظر السديد لصاحب الجلالة لتنال موافقته السامية. 40. هذا وتنكب الحكومة على تنمية العرض المائي الوطني عبر تعزيز سياسة السدود، حيث تتم مواصلة إنجاز أشغال 20 سد كبير بكلفة إجمالية تقدر بحوالي 31 مليار درهم بسعة تخزينية تصل 6.4 مليار متر مكعب، منها ثلاث سدود في طور الانتهاء بكل من تيداس بخنيفرة، وتودغى بتنغير، وأكدز بزاكورة. 41. إضافة لثلاثة سدود في طور إطلاق الأشغال بكل من تاغزيرت ببني ملال، وتامري بعمالة أكادير إداونتنان، وواد لخضر بأزيلال. كما تم إطلاق طلبات العروض لإنجاز أشغال سدين كبيرين بكل من العرائش وصفرو بكلفة مالية تقدر بــ 2 مليار درهم. 42. وعلى مستوى السدود الصغرى، تم إنهاء إنجاز أشغال سدين صغيرين بكل من إقليم تيزنيت وتاوريرت، في الوقت الذي تتم مواصلة إنجاز أشغال 7 سدود صغرى بأقاليم فجيج، الناظور، طاطا، الراشيدية، بن سليمان، شفشاون والناظور. 43. وفي ذات السياق، تم التوقيع على اتفاقية إطار وشراكة لإنجاز 129 سدا تليا وصغيرا، خلال الفترة ما بين 2022-2024، مع برمجة غلاف مالي يفوق 100 مليون درهم سنويا لتحسين معرفة واستكشاف الموارد المائية الجوفية عبر إنجاز أثقاب وتجهيزها. 44. وتفعيلا للتوجيهات الملكية السامية، باشرت الحكومة عقد لقاءات مع المقاولات المكلفة ببناء السدود المبرمجة لتقليص المدة الزمنية المخصصة إلى ما يقارب النصف. 45. كما تم إنهاء إنجاز مشاريع لتجميع مياه الأمطار بكل من أقاليم تارودانت، تيزنيت، زاكورة وشفشاون، إضافة إلى الشروع في إنجاز مشاريع لتجميع مياه الأمطار بأقاليم سيدي إفني، السمارة، شيشاوة وخريبكة، لتنضاف إلى عشرات المشاريع التي كانت موجودة في السابق. 46. في ظل هذا السياق الصعب، بات من الضروري الاعتماد على بدائل وخيارات مستدامة لضمان الأمن المائي ببلادنا، من خلال اللجوء إلى تعبئة موارد مائية غير اعتيادية، خاصة وأن بلادنا تتوفر الحمد لله على إمكانيات هامة ينبغي تثمينها واستغلالها، وتتمثل أساسا في واجهتين بحريتين تمتدان على 3500 كيلومتر. 47. فعلى غرار محطة جهة سوس- ماسة، المتواجدة بإقليم اشتوكة- أيت باها، التي ينبغي الإشادة بها كتجربة ناجحة، والتي تمكن من إنتاج 400 ألف متر مكعب من المياه المحلاة يوميا عند استغلال سعتها القصوى، توجه للاستعمالات السقوية والتزود بمياه الشرب، تشرع الحكومة حاليا في مواصلة الدراسات لإنجاز مشروع محطة تحلية مياه البحر بجهة الدار البيضاء – سطات التي ستبلغ قدرتها الإنتاجية 300 مليون متر مكعب في السنة ، في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص، مما سيمكن من توفير الماء لساكنة هذه الجهة، وتخفيف الضغط على حوضي أم الربيع وأبي رقراق. 48. كما أن استخدام المياه العادمة يعد خيارا حاسما لمواجهة تحدي الإجهاد المائي ببلادنا، ما من شأنه أن يساهم في التقليل من تلوث الفرشة المائية، ومن تدفق التلوث المتبقي الذي يتم تصريفه في البيئات المستقبلة، وهو ما يحتم علينا استغلال هذه المياه بطرق ناجعة. 49. وفي هذا الإطار، قامت الحكومة بإعداد اتفاقية تهم إنجاز 8 مشاريع لإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة، ستوفر حوالي 12 مليون متر مكعب من المياه في السنة، بكلفة 454 مليون درهم، بكل من: قلعة السراغنة، وجدة، الرباط، سلا، الصخيرات، تمارة، بنسليمان، الراشيدية، العيون، شتوكة أيت باها والحسيمة. كما تعمل الحكومة على توسيع شبكة تطهير السائل، والرفع من إعادة استعمال المياه العادمة، وفق البرنامج الوطني للتطهير السائل المندمج (PNAM)، الذي يستهدف 150 مركزا حضريا و1200 مركز قروي. 50. ولتحقيق العدالة المجالية، تعمل الحكومة على تفعيل مشاريع الربط بين المنظومات المائية، بفعل تركز نصف الواردات السطحية في الأحواض الشمالية الغربية التي لا تتعدى مساحتها 7 في المائة من مجموع التراب الوطني، عبر إنجاز الدراسات الضرورية الخاصة بالربط بين أنظمة المياه المتعلقة بالأحواض المائية، آخذة بعين الاعتبار المستجدات المرتبطة بالطلب على الماء، وتأثير التغيرات المناخية. 51. وفي هذا الصدد، تم إطلاق إنجاز مشروع الشطر الاستعجالي لربط سد المنع المتواجد في حوض سبو، بسد سيدي محمد بن عبد الله المتواجد في حوض أبي رقراق بصبيب 15 متر مكعب في الثانية وبتكلفة تقدر ب 6 مليار درهم. 52. وهي مناسبة للإشادة بتوفر بلادنا على شركات وطنية رائدة في هذا المجال، ستساهم لا محالة في إنجاح هذا الورش وتنفيذه وفق الالتزامات والآجال القانونية المتفق عليها. حضرات السيدات والسادة، حضرات السيدات والسادة، 53. إننا نعيش اليوم لحظة وطنية فارقة تطبع مسارنا التنموي والمجتمعي، تستدعي مزيدا من اليقظة المؤسسية بغية استشراف المستقبل بكل عزيمة وثقة، من خلال الانكباب على تجويد مضامين مشروع المخطط الوطني للماء لسنة 2050، استنادا للتوجيهات الملكية السامية وتوصيات النموذج التنموي الجديد، مع تزويده بآليات الحكامة والتتبع والتقييم الضرورية لضمان فعاليته، علما أن هذا المخطط سيكلف ما يقارب 383 مليار درهم على مدى الثلاثين سنة المقبلة، يمول جزء كبير منه من الميزانية العمومية . 54. حيث يتوقع أن يساهم هذا المخطط في أفق سنة 2050، في تعبئة 4.5 مليار متر مكعب إضافية من المياه، وذلك عبر مواصلة سياسة السدود الكبرى، وإنجاز مشاريع للربط بين الأحواض لضمان تدبير مرن للموارد المائية، وتجميع مياه الأمطار، وإنجاز السدود الصغرى والبحيرات التلية لدعم التنمية الترابية، مع تطوير تحلية مياه البحر لتبلغ القدرة الإنتاجية مليار متر مكعب في السنة، وإعادة استعمال 340 مليون متر مكعب في السنة من المياه العادمة المعالجة، وخفض معدل توحل السدود بنسبة تتراوح بين 10% و20% عبر تهيئة الأحواض المائية. 55. وتسعى بلادنا وفق هذا التصور الاستراتيجي، نحو بلوغ تدبير أمثل للطلب على الماء وتثمينه لتوفير 2.5 مليار متر مكعب من خلال الربط بين الأنظمة المائية، وتحسين مردودية شبكات توزيع الماء الشروب (80 % في عام 2030 و 85 % ابتداء من 2040)، إضافة إلى مواصلة برنامج الاقتصاد في مياه السقي، لتصل نسبة 70% من المساحات المسقية، وتعزيز التجهيزات الهيدروفلاحية العصرية للمساحات المرتبطة بالسدود، ناهيك عن صياغة برنامج لتجميع وتثمين مياه الأمطار. 56. كما يروم هذا المخطط المحافظة على المياه الجوفية وإرساء تدبير تشاركي ومستدام في إطار تعاقدي وتقليص استغلال المياه الجوفية بنسبة 50 % في أفق 2030 وتحقيق التوازن في أفق 2050، إضافة إلى تعزيز آليات الرقابة والوقاية من الفيضانات ووضع برنامج لتهيئة مجاري الأودية، وهو ما يتطلب تعبئة شاملة من أجل نموذج جديد للإنتاج والاستهلاك المستدام للموارد المائية. 57. اسمحوا لي أن أؤكد بأن الدولة، بجهودها المتضافرة، ستبذل أقصى إمكانياتها لتسريع إنجاز مختلف المشاريع المتأخرة نتيجة غياب الاستباقية، خلال مرحلة من المراحل، في التعاطي مع المتغيرات المتسارعة. 58. وفي انتظار تحقق هذه المشاريع، وأخص بالذكر مشروع ربط حوضي سبو وأبي رقراق، نتمنى في الوقت الراهن، وبكل صراحة وموضوعية، أن تؤجل أمطار الخير التهديدات الواقعية بتراجع إمدادات الماء الشروب بمجموعة من المدن نظير مراكش الكبرى حيث بلغ مخزون سد المسيرة مستويات جد مقلقة. 59. وفي نفس السياق، فإن تعميق الوعي المجتمعي بخصوص إشكالية ندرة المياه ببلادنا، دفع الحكومة إلى إطلاق حملات تواصلية، في مختلف وسائط الاتصال الجماهيري، للتحسيس بضرورة الاقتصاد في استهلاك الماء والحث على الانخراط بمسؤولية في ترشيد استعماله. 60. كما تم إطلاق حملة أقسام الماء بمجموعة من المدارس التعليمية الابتدائية تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للماء 2022، وذلك قصد تعزيز وعي الجيل القادم بأهمية الماء في عمر مبكر وترسيخ ثقافة الحفاظ عليه، إضافة إلى إعداد استراتيجية التواصل والتحسيس الخاصة بهذا البرنامج، وترجمتها إلى مخطط عمل تواصلي بشكل تشاركي بين جميع المتدخلين الرئيسيين، يتم تنزيله على أرض الواقع بهدف تغيير سلوك مستعملي الماء اتجاه هذه المادة الحيوية. 61. كما يتم توطين حملات التواصل والتحسيس على المستوى المحلي حسب خصوصيات مستعملي المياه، حيث تقوم وكالات الأحواض المائية بإعداد برامج التواصل للاقتصاد في الماء مع لجان اليقظة برئاسة السادة ولاة وعمال الأقاليم للمصادقة على برامج التواصل والتحسيس. 62. وفي الختام، ووعيا منا بكل التحديات التي تواجهنا في ما يتعلق بإشكالية الماء ، فالمؤكد أن التوصيف الدقيق للمرحلة المقبلة هو “تدبير الندرة” فيما يتعلق بهذه المادة الحيوية، الشيء الذي يفرض علينا الانخراط الجماعي ، بعيدا عن المزايدات التي لا فائدة من ورائها، في إنجاح سياسة ترشيد استعمال المياه، وتثمين أفضل لما هو متاح من هذه المادة التي جعل الله منها كل شيء حي . 63. وإننا إذ نحمد الله على أمطار الخير التي من علينا بها في الأسابيع الماضية، استجابة منه تعالى لدعوات المغاربة الذين لبوا دعوة أمير المؤمنين بالتضرع طلبا لرحمة الله. 64. فإني أدعو، من خلالكم حضرات السيدات والسادة النواب، إلى تحلي جميع الفعاليات الوطنية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية، وكافة مكونات المجتمع المدني وعموم المغاربة بروح المسؤولية الجماعية في تدبير الموارد المائية والانخراط في الحفاظ عليها، من خلال عقلنة استعمالها وتفادي تلويث مصادرها. فواجبنا الإنساني والتاريخي يحتم علينا الحفاظ على هذا المكون الحيوي لضمان الأمن المائي كركيزة للتناقل الجيلي للحضارة المغربية. 65. لذلك، فقد آن الأوان لندق ناقوس الخطر حول وضعية الإجهاد المائي الذي تشهده المملكة في ظل الظروف المناخية الحالية؛ آن الأوان لنغير نظرتنا وسلوكنا تجاه استخدامات الماء ببلادنا، والقطع مع الاستهلاك المفرط وغير المعقلن لثروتنا المائية؛ آن الأوان لنحس بقيمة هذه النعمة وضرورتها للحياة، والمحافظة عليها باعتبارها مسؤولية جماعية… فكما الماء حق للجميع، فالحفاظ عليه وصونه من الهدر مسؤولية نتحملها جميعا كل من موقعه، آخذين بعين الاعتبار الوضعية الحالية المقلقة والتكلفة الحقيقية لإنتاجه بالنسبة لبلادنا. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاتهحضرات السيدات والسادة،

عن Zwawi

شاهد أيضاً

عمالة إقليم خنيفرة تنظم بشراكة مع الوكالة الوطنية للمياه والغابات تظاهرة بيئية بالمنتزه الوطني لخنيفرة تخليدا للذكرى 25 على تربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، على عرش أسلافه المنعمين.

بمناسبة تخليد الذكرى الخامسة والعشرون لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، على عرش …

اترك تعليقاً