بمناسبة حلول الذكرى الرابعة لاتفاقيات الإبراهيمية، لابد أن نسلط الضوء على الأهمية الاستراتيجية لهذه المبادرة التاريخية التي شكلت تحولاً جوهرياً في مسار السلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. وُقعت هذه الاتفاقات سنة 2020 بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين، لتعلن عن انطلاقة جديدة في المنطقة، تتسم بالحوار البناء والتعاون الوثيق لمواجهة التحديات المشتركة، واضعة نهاية لحقبة من الانقسامات والصراعات.رغم أن المغرب ليس طرفاً رسمياً في هذه الاتفاقيات، إلا أنه أظهر دوراً استراتيجياً ريادياً مهما من خلال اتفاق تاريخي مع إسرائيل بوساطة الولايات المتحدة الامريكية.
حيث عزز هذا الاتفاق العلاقات الثنائية وأطلق ديناميكية جديدة في التعاون من أجل السلام، مجسداً بذلك الروح الحقيقية لاتفاقيات الابراهيمية. فمشاركة المغرب تعكس التزامه العميق بمبادئ التعايش السلمي وتجاوز الانقسامات التاريخية التي لطالما سيطرت على المشهد الإقليمي.تمثل الاتفاقيات الإبراهيمية خطوة غير مسبوقة نحو إعادة صياغة معادلات القوة في الشرق الأوسط. فمن خلال تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، لم تقتصر الاتفاقيات على تعزيز الروابط الدبلوماسية والاقتصادية فحسب، بل وضعت أسساً قوية لمستقبل من التعاون والازدهار المشترك. هذه الاتفاقيات ليست مجرد مواثيق دبلوماسية، بل هي بداية لعملية تحول جيوسياسي عميق قد يعيد تشكيل الخارطة الإقليمية بشكل متكامل وسليم.القوة الحقيقية لهذه الاتفاقيات تكمن في قدرتها على أن تكون محفزاً لتحقيق الاستقرار والأمن المستدام ليس فقط للدول الموقعة، بل للمنطقة بأسرها. هذه الاتفاقيات تمثل منصة فعالة للحد من التوترات المتجذرة في المنطقة، من خلال تعزيز التعاون في مجالات حيوية مثل التنمية الاقتصادية، والأمن المشترك، والتبادل الثقافي. واليوم، أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى توسيع وتعميق هذا التعاون ليشمل نطاقاً أوسع من الشركاء.وفي هذه اللحظة التاريخية، نُعرب عن أصدق التهاني لكل الأطراف التي ساهمت في تحقيق هذا الإنجاز الاستثنائي ونحن على يقين بأن هذه الاتفاقيات ستظل مصدر إلهام لشراكات جديدة ومسارات مبتكرة لحل النزاعات. وفي ظل اقتراب الذكرى الأولى للأحداث المأساوية التي جرت في السابع من أكتوبر، نُعبر عن تضامننا العميق مع إسرائيل، ونتمنى الإفراج العاجل عن جميع الرهائن.ومع اقتراب حلول رأس السنة العبرية نعرب عن أخلص المتمنيات بالسلام والاستقرار والازدهار لشعوب المنطقة. أملين أن يكون العام الجديد فاتحةً لعهد من المصالحة والتنمية والأمن المستدام. وان تبقى الاتفاقيات الابراهيمية بوصلة نحو السلام الدائم والاستقرار والازدهار لكل بلدان المنطقة وحافزا لتعاون دبلوماسي كبير وقوي.
فيصل مرجاني، الرئيس المؤسس لجمعية مغرب التعايش